بعد اتهامات سياسية لمستخدمي «يوتيوب» بأنهم «شوية عيال»، وتخوفات رسمية من أن متصفحيه وناشطيه هم «عفاريت عنكبوتيون» يهدمون الوطن ويقوّضون قوته، هرع الجميع للانضمام إلى زمرة المستخدمين. الشبكة العنكبوتية التي أدت إلى تغيرات هائلة في سبل تواصل البشر مع بعضهم بعضاً، ما أدى إلى توحد القوى الشعبية وإسقاط أنظمة ظالمة استعصت على السقوط بطرق تقليدية، في طريقها إلى إعادة تقديم نفسها في شكل جديد. فقد فرضت شبكة الإنترنت نفسها على الجميع، وأفرزت تغييرات برزت بوضوح في أسلوب تفاعل الحكومات العربية والشخصيات العامة مع شعوبها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتشير إحصاءات «يوتيوب» إلى أن عدد المشاهدات في العالم العربي تخطى حاجز ال 240 مليون مشاهدة يومياً، إضافة إلى تحميل ما يقرب من ساعتين من المحتوى كل دقيقة، ما دفع حكومات ورؤساء ومسؤولين إلى إدراك دور الإنترنت كوسيلة فعالة للتواصل مع الشعوب في منطقة الشرق الأوسط. على مستوى منطقة الخليج العربي، بلغ عدد مشاهدات قناة نائب رئيس ورئيس وزراء الإمارات العربية المتحدة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على «يوتيوب» نحو مليون مشاهدة. كما تعدى عدد المشتركين ثلاثة آلاف مشترك. وتركز هذه القناة على إطلاع المشاهدين من مختلف أنحاء دبيوالإمارات والعالم على مستجدات المناسبات العامة والخطابات والمقابلات والفعاليات الرسمية. كما تدعو المشاركين الى التفاعل من خلال تحميل مقاطع الفيديو الخاصة بهم. أما المملكة العربية السعودية فتنتهج نهجاً مختلفاً على «يوتيوب» من خلال قناتها «حوارات المملكة»، التي بدأت البث نهاية عام 2011. وتشجع القناة المواطنين على إرسال أسئلتهم من خلال تحميل مقاطع الفيديو على المنصة ليتم التصويت عليها من منتدى «يوتيوب»، ومن ثم تتم الإجابة عن أكثر الأسئلة شعبية، وتجرى مناقشتها من جانب المسؤولين على القناة. وتتضمن القناة أشكالاً متنوعة من المحتوى، بينها مناقشات حول مكافحة الفساد في الداخل، وأسعار السلع الاستهلاكية وغيرها. وعلى الجانب الآخر من العالم العربي، مبادرة شبيهة نفذتها الحكومة التونسية تعرف باسم «تونس تتكلم»، وتهدف الى تقديم منصة للمواطنين للتعبير عن آرائهم وإلقاء الضوء على القضايا المهمة. وتتوافر في القناة قوائم تشغيل تحتوي على حلقات نقاش مع علماء تونسيين وشخصيات عامة تتناول طيفاً متنوعاً من الموضوعات والقضايا التي تشغل بال المواطن التونسي. وفي مصر، دشَّن الرئيس الدكتور محمد مرسي قناة خاصة به على «يوتيوب» في آب (أغسطس) الماضي، والتي يتواصل من خلالها مع الجماهير في مصر. ويبلغ عدد مشاهدي هذه القناة أكثر من مليوني مشاهد، كما يبلغ عدد المشتركين فيها نحو 40 ألف مشترك. وتحوي القناة أنشطة الرئيس الأسبوعية وغيرها من الفعاليات الرسمية. كما تقدم قوائم تشغيل للتعريف بمجلس الوزراء، إضافة إلى تقرير شهري مفصل حول ما تم من إنجازات. وزيادة أعداد ما يُعرف ب «الجيل الرقمي العربي» هو أحد العوامل التي ساهمت فى زيادة شعبية «يوتيوب» باعتبارها منصة للمؤسسات الحكومية والشخصيات العامة في شتى أرجاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويمثل أولئك نحو 40 في المئة من سكان المنطقة وأربعة في المئة من إجمالي مستخدمي الإنترنت في العالم. ويشكل تمسك هذا الجيل بالتكنولوجيا والإنترنت أهمية كبيرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، إذ يطالب أبناء هذا الجيل الحكومات بمزيد من الشفافية والتفاعل وزيادة الخدمات الإلكترونية، وكلها سبل غير مباشرة للرقابة الشعبية على الحكومات ومحاربة الفساد.