أقرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالعجز عن مواجهة تفاقم الوضع الإنساني في سورية بعد توسع نطاق المعارك، لكنها أشارت إلى تطور عملها الميداني الذي «يبقى أقل بكثير من الحاجات» على الأرض. وأكد رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورر امس، أن المنظمة عاجزة عن تطوير مساعداتها بالوتيرة التي تتفاقم بها الحالة الإنسانية، وذلك بسبب الترتيبات «البيروقراطية والعسكرية والأمنية» التي تحد من عملها. وقال ماورر في مؤتمر صحافي في جنيف: «لا يمكننا تطوير عملياتنا بسرعة كافية لمواجهة تفاقم الوضع الإنساني في سورية». واضاف ان «هناك العديد من النقاط التي لا تصل اليها أي مساعدة ولا علم لنا بالوضع فيها ولا بعدد الناس المعنيين»، معترفاً في الوقت نفسه بتحقيق تقدم خلال الأشهر الأخيرة في عمل الصليب الأحمر. وتابع أن «المعارك تنتشر، ما يؤدي إلى مزيد من الجرحى ومزيد من الأوضاع المتأزمة»، مشيراً إلى أن دخول مناطق عديدة ما زال مستحيلاً، والمعلومات عن الوضع فيها قليلة جداً. ولفت بشكل خاص إلى غياب معلومات موثوقة حول عدد اللاجئين في البلاد، فيما من الأسهل على وكالات الأممالمتحدة المتخصصة إحصاء أعداد اللاجئين في الدول المجاورة لسورية. وأوضح ماورر أن المنظمة الدولية تمكنت من تسهيل وصول مساعدات إلى سورية منذ الصيف عبر تحسين إجراءات الاستيراد وإدخال 14 شاحنة لتوزيع تلك المواد وبلوغ مناطق في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) تعذر الدخول إليها من قبل، مثل اثنين من أحياء حمص. وقال: «الآن بات لدينا تقييم لحاجاتهم الطبية والإنسانية»، مشيراً إلى «مدى تعقد المفاوضات المحلية من اجل إيصال عدة كيلوغرامات من المعدات الطبية وخطورتها» بالنسبة إلى مندوبي الصليب الأحمر. كما أكد تعذر الوصول إلى مناطق كثيرة على غرار حلب، حيث المعارك مستعرة منذ أسابيع. وقال ماورر إن اللجنة الدولية ما زالت تجري مفاوضات مع السلطات السورية لتتمكن من زيارة سجناء مجدداً، ففي عامين من النزاع لم تتمكن اللجنة الدولية للصليب الأحمر من دخول أكثر من مركزي اعتقال. وخلال مقابلة مع الرئيس السوري بشار الأسد في أيلول (سبتمبر) في دمشق، طلب ماورر منه السماح للجنة زيارة أربعة مراكز اعتقال قبل نهاية العام من بين 25 مركزاً في البلاد. وقال: «ما زلنا نجري مفاوضات شاقة لتوسيع نطاق زياراتنا للسجون». وتابع: «إننا نتقدم وفق الظروف»، في وصف لمختلف أوجه عمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية، وهي المنظمة الدولية الوحيدة التي أجازت الحكومة وجودها ميدانياً بشكل محدود جداً. رداً على الاتهامات حول استيلاء الهلال الأحمر السوري على المساعدات، ذكر ماورر أنه المحاور الإلزامي الذي حددته السلطات السورية، وقال: «لا يمكن فعل شيء إلا عبر الهلال الأحمر السوري، لكن حوارنا المستمر في العامين الأخيرين سمح لنا بتوضيح ماهية العمل المحايد في المجهود الإنساني». وأضاف: «إنه تحد يومي في ما يتعلق بحيادية العمل الانساني واستقلاليته، لكن اليوم يمكننا التحرك بمزيد من الاستقلالية». كما شدد ماورر على تعقيد الأوضاع وتغيرها على الأرض. وقال: «قد يكون الهلال الأحمر في دمشق أكثر تقرباً من الحكومة وفي أماكن أخرى أكثر قرباً من حاجات السكان». فالحوار الذي بدأ قبل عامين «أجاز إنشاء أجواء من الثقة وفي بعض الأماكن قد نتحرك وحدنا من دون مرافقة ممثل للهلال الأحمر السوري» على ما أكد، مضيفاً: «ما من أمر مثالي». وجاءت تعليقاته بعدما قالت منظمة مساعدات طبية إن القوات الحكومية السورية تستولي على المساعدات الأجنبية وتعيد بيعها أو توزيعها على المؤيدين للحكومة، مما يضع حياة ملايين الأشخاص في خطر. وقال توفيق شمة، الطبيب في جنيف والناطق باسم اتحاد المنظمات الطبية الإغاثية السورية اول من امس: «عندما يهاجم النظام واحدة من منشآتنا الطبية، سواء كان مستشفى او غيره، يحملون كل ما يمكنهم حمله ويحرقون ما تبقى». وأضاف: «إنهم يأخذون ما يمكنهم أن يأخذوه ويعتمد ذلك على عدد الجنود معهم، لكنهم في معظم الحالات يعيدون بيعه في السوق السوداء».