في خضم الاضطرابات التي شهدتها مصر العام الماضي، تعرض مبنى «مجمع مصر» الكائن في ميدان التحرير وسط القاهرة لحريق هائل ناجم عن إلقاء قنبلة «مولوتوف» أصابته عرضاً أو عمداً. فكانت النتيجة إتيان النار على المبنى كله، بكامل محتوياته، ولم يبق منه سوى جدران سود متداعية. هذا المبنى الذي احتضن مكتبة «المجمع العلمي» التي يعود تاريخها إلى مطلع القرن التاسع عشر، لم تُبقِ النار على شيء من محتوياته. فقد ابتلع الحريق نحو 200 ألف مجلد تمثل أكثر من 20 ألف عنوان، إضافة إلى أرشيفات متنوعة، ووثائق ترجع إلى مرحلة الاحتلال الفرنسي لمصر، ودوريات ومجموعات نادرة وكتب ثمينة تتعلق بمصر وتاريخها وحضارتها، وكذلك منشورات مختلفة منها نشرة «المجمع العلمي المصري» التي يفوق عمرها قرناً ونصف القرن. الكارثة الثقافية هذه أثارت غضب المثقفين على مستوى العالم العربي وحرّكت مشاعرهم، ولذلك بادر الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، إلى الاتصال بالمسؤولين المصريين متعهّداً إعادة إعمار المجمع العلمي المصري، وكذلك تجهيز المكتبة اعتماداً على فهارسها الموجودة. وطلب من «مكتبة إبن سراج» في باريس، وهي جهة متخصصة بالكتب والمطبوعات النادرة، إعداد دراسة تقويمية للوقوف على إمكانات تعويض ما فُقد في الحريق... فكان تقدير المكتبة أنه يُمكن تجهيز المكتبة بنحو 80 في المئة من الخسارة، وفي مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات. وحتى اليوم، قطع العمل شوطاً جيداً، وجرى تأمين أربعة آلاف عنوان لتعويض الخسائر. ولمناسبة المعرض الدولي للكتاب في الشارقة، تقرر تنظيم جناح خاص يضم نحو ألفي عنوان مرجعي عن مصر والشرق الأوسط، من بينها أكثر من مئة كتاب ومجموعة من أندر المقتنيات حول مصر وأثمنها. يستمر المعرض، الذي يفتتح اليوم، حتى 17 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، وسيكون الجمهور قادراً على تفحص كتب ومطبوعات نادرة لا تتوافر عادة إلا في المتاحف والمقتنيات الخاصة، مثل «وصف مصر» و«موسوعة ديدرو ودالومبير» و»مصر والنوبة» و«الفن العربي حسب آثار القاهرة» و»هندسة القاهرة المعمارية العربية» و«قواعد اللغة المصرية القديمة»... وغيرها.