سينما في المخيم. للوهلة الأولى توحي الفكرة برفاهبة معينة تتسرّب إلى يوميات أحد المخيمات الفلسطينية في لبنان، وتأخذ طريقها إلى أن تصبح أكثر «غرابة»، مع إنشائها في مخيم عين الحلوة، الأكثر اكتظاظاً. فكرة عمد إلى تطبيقها مركز التضامن الاجتماعي في إحدى قاعته لعرض الأفلام، تماشياً مع ما طرحه أحد المتطوعين، قبل أن تتحول الفكرة إلى مشروع متكامل. إنشاء سينما في مخيم ينشغل أبناؤه الفقراء بالهموم السياسية وتأمين قوت يومهم لا يُعدّ أمراً عادياً، بخاصة أن قاطنيه غير معتادين على هذه الأجواء وأساليب التسلية الجماعية. ولا يعني ذلك أنهم لا يشاهدون الأفلام السينمائية، المتوافرة بكثرة في الأسواق، ولكن يجب أن تكون الأفلام المعروضة وثائقية تتعلق بفلسطين... فالأمر بحد ذاته يشكل دافعاً قوياً، يجعل سكان المخيم وخصوصاً الشباب منهم يخصصون جزءاً من أوقاتهم لمشاهدة هذه الأفلام. لا يمانع القائمون على «السينما» في عرض أفلام أخرى، يقترحها أفراد من خارج المركز شرط أن تتوافر فيها بعض الشروط كأن تكون وثائقية لها صلة بالقضية الفلسطينية أو بأي مسألة من قضايا الحقوق المتعلقة بواقع اللاجئين الفلسطينيين. ويتم تحديد اسم الفيلم بالتشاور بين المسؤولين عن السينما والاقتراحات المقدمة من قبل المشاهدين، من أفلام يرغبون في أن يشاهدوها ومناقشة مضمونها وإن كانت لا تحظى بموافقة الجميع. ويحرص المركز على حضور مخرج الفيلم أو أحد السياسيين لإثراء المناقشات. وتقول المشرفة على السينما، آلاء أبو ظاهر، إن «هدف السينما رفع الحس الوطني لدى الشباب من خلال عرض أفلام هادفة لها صلة بالقضية الفلسطينية واستثمار أوقات الفراغ في عمل ثقافي مفيد». وترى في السينما «فرصة للحد من أوقات الفراغ التي يقضونها بالجلوس في الطرقات ولا يعرفون كيفية استثمارها». وتشير أبو ظاهر إلى أن شعوراً بالقلق «انتابنا في البداية عندما قررنا إقامة السينما خوفاً من اعتراض بعض القوى عليها وبخاصة الإسلامية، وكاد التردد أن يثنينا عن تنفيذ الفكرة»، مؤكدة أن القائمين على المشروع «سارعوا إلى وضع ضوابط استباقية تتناسب مع عادات المخيم، كالامتناع عن عرض الأفلام الرومنسية والغرامية البحتة، كذلك محاولة تخصيص أوقات منفصلة للذكور والإناث». وتضيف أنهم «يبحثون عن وسائل أكثر جذباً لتنشيط الجمهور وتثبيت حضورهم لتكون سينما متكاملة بكل ما للكلمة من معنى، فيعملون على تحضير بعض المأكولات الخفيفة كالذرة والعصير لتكون على هامش السينما». وعن الفئات العمرية، تؤكد أبو ظاهر أن أصحاب الفكرة يهدفون إلى استقطاب جميع الأعمار، موضحة أنهم برمجوا عروضاً لأفلام كرتونية لطلاب الروضات، «وقريباً سيبادر الناشطون في المركز إلى إقامة عروض في الحارات الداخلية للمخيم إذا توافرت لديهم أفلام جديدة ترقى إلى اهتمامات الأهالي، وهي وسيلة ليست جديدة لكنها ستكون أكثر تنظيماً».