تعرضت العاصمة السورية امس وليل اول امس لأعنف الغارات الجوية منذ بدء النزاع. وتحدث سكان دمشق عن 60 غارة شنتها الطائرات الحربية على ضواحي القابون وزملكا وعربين ورنكوس، كما تعرضت ضاحية حرستا وحدها الواقعة شمال شرقي العاصمة الى ثلاث غارات. ودمرت الغارات اكثر من مئة مبنى، وهجرالسكان احياء بكاملها. وجاءت هذه الغارات في اليوم الرابع من الهدنة المفترضة التي كان المبعوث الدولي - العربي الاخضر الابراهيمي دعا اليها لمناسبة عيد الاضحى والتي لم ترَ النور، وقتل خلالها 500 شخص على الاقل، بحسب مصادر المعارضة التي تبادلت مع النظام الاتهامات بالمسؤولية عن فشل الهدنة. وزار الابراهيمي امس موسكو حيث التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لكنه لم يتمكن من تحقيق تقدم يحمله إلى مجلس الأمن بعد جولة المحادثات. ورغم أن الطرفين اتفقا على خطورة الوضع في سورية، وحذرا من تدهور أسوأ خلال الفترة المقبلة، ومن تحول المواجهات إلى «حرب أهلية حقيقية» كما وصفها الإبراهيمي، تمسكت موسكو بدعوتها إلى العودة الى اتفاق جنيف الذي ينص على وقف فوري لاطلاق النار يسمح ببدء الحوار على مرحلة انتقالية، وطالبت «كل اللاعبين الخارجيين» بالضغط على طرفي الصراع وتوجيه رسائل متوازية إلى السلطة والمعارضة. واوضح مصدر امني سوري ان الغارات التي شنها الطيران الحربي على دمشق وضواحيها استهدفت البساتين والمزارع «حيث يحاول الارهابيون تجميع قواتهم وتعزيز مواقعهم». وفي ضاحية جرمانا جنوب شرقي العاصمة وقع تفجير بسيارة مفخخة قرب مخبز. وقال التلفزيون السوري ان جماعات «ارهابية» هي المسؤولة عن هذا التفجير في المنطقة التي تسيطر عليها قوات مؤيدة للنظام. وانفجرت عصرا سيارة مفخخة في حي الحجر الاسود في جنوبدمشق، وافاد التلفزيون السوري الرسمي، في شريط اخباري، بحصول «تفجير ارهابي بسيارة مفخخة في حي الحجر الاسود» و»انباء عن عدد من الشهداء والجرحى بينهم اطفال ونساء»، واصفا ذلك بانه «خرق جديد لوقف العمليات العسكرية». وجاءت الغارات الجوية على دمشق بعد محاولات فاشلة من القوات لاقتحام المناطق الشرقية من المدينة. وقال احد الناشطين: «انتشرت الدبابات حول حارة الشوام لكنها لم تتمكن من الدخول. حاولت قبل أسبوع وفشلت». وفي موسكو، بدا التباين بين الابراهيمي ووزير الخارجية الروسي عندما وجه صحافيون سؤالا عن احتمال ارسال قوات حفظ سلام دولية إلى سورية، إذ سارع لافروف إلى رفض الفكرة مؤكدا شرط حصولها على موافقة مجلس الأمن ورضى السلطات السورية، بينما أشار الإبراهيمي إلى أن الأممالمتحدة لا تدرس إرسال قوات إلى سورية لكن نقاشات تجري في اطار «خطط استباقية في حال صدور قرار عن مجلس الأمن». ولفتت مصادر روسية إلى أن هذا الموضوع كان واحدا من محاور البحث خلال اللقاء. وخلافا لتصريحات روسية سابقة اتهمت المعارضة السورية بنسف الهدنة قال لافروف إن موسكو «لا تريد أن تتهم جهة واحدة وهناك حرب ومستويات العنف تزداد وثمة ردود فعل غير متكافئة». لكنه أشار في الوقت ذاته إلى ضرورة أن «يدرك الشركاء (في الغرب) أنه لا يمكن التوصل إلى نتائج من دون حوار مع السلطة». ورغم أن زيارة الإبراهيمي لموسكو لم تحمل جديدا في المواقف، لكن أوساطاً ديبلوماسية رأت انها تمهد لفتح حوارات واسعة و»بناءة» مع الأطراف الإقليمية والدولية بهدف التوصل إلى تسوية مقبولة للأزمة السورية. ونقلت وسائل الإعلام الروسية أن لافروف يسعى خلال جولة إقليمية يقوم بها هذا الأسبوع وتحمله إلى الأردن ومصر لتقريب وجهات النظر، كما أشارت مصادر إلى احتمال قيامه بزيارة الرياض لم يتم تحديد موعدها النهائي بعد. وكانت مصادر روسية كشفت عن «مشاورات مكثفة» أجرتها موسكو مع طهران أخيرا، لبلورة أفكار مشتركة، ولم تستبعد أن تكون روسيا بصدد الإعلان عن خطة متكاملة تستند إلى اتفاق جنيف مع ادخال بعض التعديلات عليه. لكن خبراء روساً رأوا أن موسكو لن تطرح أفكارا جديدة قبل انتهاء الاستحقاق الانتخابي في الولاياتالمتحدة. في هذا الوقت اجتمع امس في اسطنبول 150 من اعضاء المعارضة السورية في مؤتمر يستمر ثلاثة ايام، وينتظر ان يبحث خطوات عملية للمرحلة الانتقالية بعد سقوط النظام، كما قال احد المشاركين ل «الحياة». واوضح ان النقاشات تتناول ايضاً كيفية ادارة شؤون المناطق التي تسيطر عيلها المعارضة حالياً وخصوصاً في محافظتي ادلب وحلب. وقام بتنظيم المؤتمر «المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية» الذي يرأسه عضو «المجلس الوطني» رياض زيادة. ويشارك المجلس في المؤتمر الى جانب ممثلين عن «الاخوان المسلمين» و»اعلان دمشق» ولجان التنسيق المحلية و»المجلس الوطني الكردي». كما يشارك في المؤتمر رئيس الحكومة السابق المنشق رياض حجاب والعقيد قاسم سعد الدين الناطق الرسمي وقائد المجلس العسكري التابع ل «الجيش السوري الحر» في حمص وريفها. الى ذلك، اعتبرت دمشق ان عدم ادانة مجلس الامن للتفجير الذي وقع في دمشق في اول ايام الهدنة المعلنة خلال عطلة عيد الاضحى والتي انتهت امس شجع «الارهابيين على مواصلة جرائمهم». وذكرت وزارة الخارجية، في رسالتين متطابقتين وجهتهما الى رئيس مجلس الامن والامين العام للامم المتحدة ان «فشل مجلس الامن بادانة التفجير الذي جرى في منطقة دف الشوك شجع الارهابيين على مواصلة جرائمهم ضد الشعب السوري». وكان خمسة اشخاص قتلوا و 32 اصيبوا بانفجار سيارة مفخخة في منطقة دف الشوك في جنوبدمشق. واعتبرت الوزارة في رسالتيها ان «تعطيل بعض الدول الاوروبية والغربية والولاياتالمتحدة الاميركية لاصدار مجلس الامن بيانات تدين الارهاب الدامي الذي يحصد حياة العشرات من الاطفال والنساء والشيوخ في سورية لا يمكن تفسيره تحت أي عنوان الا بوصفه احتضانا عمليا للارهاب ومرتكبيه». وناشدت الوزارة الدول الاعضاء في مجلس الامن والاعضاء في الاممالمتحدة «ادانة الارهاب الذي يسعى مرتكبوه وحماتهم وممولوهم والذين يقومون بتسليحهم وايوائهم لتدمير سوريا وتفتيتها والقضاء على وحدة شعبها واراضيها وانهاء دورها الحضاري والانساني».