تباينت آراء الأطباء النفسيين إزاء احتمال إصابة الحجاج بالأمراض النفسية من عدمها خلال أداء مناسك الحج، مستشهدين بمجموعة من الدلائل والمواقف التي تسند آراءهم. وفيما يرى البعض أن الحج سبب رئيسي في إصابة الحجاج بمجموعة من الأمراض النفسية جراء ما يتعرضون له من حالات القلق والتوتر الشديد وبعض المواقف العصيبة، يؤكد آخرون أن فريضة الحج هي نقطة تحول كامل في حياة المريض النفسي وهو بمثابة علاج نفسي للمريض. استشاري الطب النفسي ونائب رئيس الجمعية الوطنية السعودية للطب النفسي الدكتور محمد شاوش أوضح ل «الحياة» أن الأمراض النفسية في الحج تنقسم إلى قسمين، وقال: «هناك أمراض قد تنشأ في الحج، إذ يكون الإنسان سليماً ليس لديه مرض نفسي فيصاب بالمرض أثناء أداء مناسك الحج»، مرجعاً سبب ذلك إلى أن «الحاج يكون في حالة من الشوق والتفكير لأداء فريضة الحج وعند ذهابه للمشاعر تختلف مشاعره، فبعض الناس يدخلون في حالة القلق والتوتر الشديد، وآخرون يصابون بعدم التكيف ويكون فيها شيء من التوتر والكآبة». ويسترسل شاوش في تعدد الأمراض النفسية، قائلاً: «ومن الأمراض النفسية اضطراب النوم وازدياد الأعراض الجسمية الناتجة من فرز مادة الأدرنالين في الجهاز العصبي المركزي السمبتاوي، كما أن بعض الناس قد يصابون بحالة ذهانية صعبة إذ يبدأ الحاج بسلوكيات غير منضبطة فتكون لديه عصبية عدوانية وهلوسة». مؤكداً أن هذه السلوكيات قد تحدث للناس المهيئين إلى التعرض لمرض نفسي في هذه الظروف وتحت تأثير هذه المشاعر الجياشة في مكةالمكرمة فتظهر بعض من الحالات النفسية. القسم الثاني من الأمراض النفسية في الحج موجودة مسبقاً، بحسب شاوش، إذ اعتبر أن «الحاج تكون حالته المرضية معروفة مسبقاً كونه مريضاً نفسياً، إلا أنه أثناء الحج تعود إليه بعض الانتكاسات في المرض سواء كانت حالات ذهانية أو عصبية بمختلف أنواعها»، مضيفاً أن «بعض المرضى النفسيين عند ذهابهم لأداء فريضة الحج قد يتوقفون عن أخذ أدويتهم لأنها تصيبهم بالنوم أو الكسل فتعيقهم عن أداء فريضته بالشكل المناسب مما يتسبب في انتكاسات مرضية». ولم يستبعد رئيس الجمعية الوطنية السعودية للطب النفسي أن يصاب بعض الحجاج بأمراض نفسية مع كونهم محافظين على تناول أدويتهم، وقال: «هناك من هو محافظ على تناول أدويته، لكن بعض الظروف التي تحدث له تصيبه بشيء من التوتر نظراً لغرابة المكان والزحام الشديد، إذ إن الحج برغم أنه عبادة فلا يخلو من المشقة والتعب والسهر فمثل هذه الأمور يمر بها كل حاج سواء كان مريضاً نفسياً أو صحيحاً». كما أشار الدكتور شاوش إلى أن أكثر الحالات عرضة للأمراض النفسية في الحج هم الأطفال وكبار السن والحوامل، وقال: «كثير ممن يعملون في ساحات الحج مثل المسعفين والهلال الأحمر هم الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية، نسبة لما يشاهدونه من حوادث ووفيات وبعض الإصابات البالغة، فتجده يتأثر تأثراً وقتياً أو بعد مرور فترة من الحج»، مشيراً إلى أن بعضهم قد يدخلون في حالات الكرب الحاد أو ما بعده وهي حالة من القلق الشديد وزيادة في تهيج الجهاز العصبي المركزي، فيتعرضون لأعراض نفسية وجسدية مثل السهر، ورؤية الأحلام المزعجة وبذلك قد لا يستطيع القيام بعمله بطريقة صحيحة وهذه تكون في حالة رؤيته لحوادث كبيرة. من جهته، خالف الأكاديمي المختص بالدراسات والبحوث العلمية المحلل النفسي الدكتور هاني الغامدي ما ذهب إليه الدكتور شاووش من تعرض الحجاج للأمراض النفسية أثناء أداء مناسك الحج. وأكد ل «الحياة» أن الحج بمثابة العلاج النفسي والجسدي للمرضى، مضيفاً: «ليس هناك ما يدعو الحاج للتعرض إلى مرض نفسي أثناء أداء فريضة الحج، فالإنسان المتأثر ببعض الأمور النفسية ينقسم إلى أقسام عدة، وهي العوارض النفسية التي تمر على الجميع وهي عملية الاختيار المزاجي أحياناً، والتأثر بموقف أو بقصة ما، وبالتالي يتأثر الإنسان بعارض نفسي لفترة محددة لا تؤثر على مساره بالقيام بمهامه الحياتية اليومية».