طالب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الأممالمتحدة أمس ب«مشروع يدين أي دولة أو مجموعة تتعرض للأديان السماوية والأنبياء». وقال إن «حوار الأمة الإسلامية مع نفسها واجب شرعي». ووصفه بأنه «تعزيز للاعتدال والوسطية والقضاء على أسباب النزاع والتطرف». ودعا المسلمين إلى «تضامن حقيقي يحفظ وحدة الأمة، ويحميها من التجزئة والانقسام». جاء ذلك عشية ثاني أيام التشريف وثالث أيام عيد الأضحى من رحلة الحج بالنسبة إلى الحجاج «المتعجلين»، ويواصل باقي الحجاج مناسك حجهم غداً برمي الجمرات الثلاث مثلما فعلوا خلال اليومين السابقين. وقال خادم الحرمين الشريفين، في كلمة ألقاها أمس خلال استقباله الشخصيات الإسلامية ورؤساء بعثات الحج: «منذ عهد سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام، ومروراً بعهد نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، إلى أيامنا هذه، والمؤمنون يتوافدون على بيت الله الحرام، ملبين نداء الحق في مشهد عظيم، يجسّد فكرة المساواة، متمسكين بالأمل بالله - جل جلاله - في وحدة الأمة الإسلامية، ونبذ الفرقة والتحام الصف الإسلامي في وجه أعداء الأمة والمتربصين بها. حوار الأمة الإسلامية مع نفسها واجب شرعي، فالشتات والجهل والتحزب والغلو عقبات تهدد آمال المسلمين. إن الحوار تعزيز للاعتدال والوسطية، والقضاء على أسباب النزاع، والتطرف، ولا مخرج من ذلك إلا أن نعلق آمالنا بالله». وأضاف أن «فكرة مركز الحوار بين المذاهب الإسلامية الذي أعلناه في مكةالمكرمة لا يعني بالضرورة الاتفاق على أمور العقيدة، بل الهدف منه الوصول إلى حلول للفرقة وإحلال التعايش بين المذاهب، بعيداً عن الدسائس أو غيرها، وهو ما سيعود نفعه على أمتنا الإسلامية وجمع كلمتها». وقال: «من مكاني هذا، وبجوار بيت الله الحرام، أطالب هيئة الأممالمتحدة بمشروع يُدين أية دولة أو مجموعة تتعرض للأديان السماوية والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، وهذا واجب علينا وعلى كل مسلم تجاه الذود عن حياض ديننا الإسلامي والدفاع عن رسل الحق». وفي كلمة أخرى وجّهها خادم الحرمين الشريفين إلى حجاج بيت الله الحرام، قال: «إننا في أشد الحاجة إلى تضامنٍ حقيقي يحفظ وحدة الأمة ويحميها من التجزئة والانقسام ويصون الدماء التي حرمها الله، وهي رسالة الحجّ الذي يدعو إلى اجتماع الكلمة، ولَمّ الشَّمْل، ونَبْذ الفُرْقة والتَّشرذم، وإنَّنا لندعو الباري - عزَّ وجَلَّ - أن يأخذ بأيدي قادة الدّول الإسلاميَّة إلى ما فيه صلاح أوطاننا ومجتمعاتنا، كما نُهِيبُ بولاة أمر المسلمين أن يتَّقوا الله في أوطانهم وشعوبهم، وأن يَسْتَشْعِروا ثِقَل المسؤوليَّة الملقاة على عواتقهم، فنحن مسؤولون أمام الله تجاه شعوبنا وأُمَّتنا، فلا نهضةَ ولا تَقَدُّمَ إلَّا بالرَّخاء والأمن». وأضاف: «اليوم نحن أمة الإسلام بأمسّ الحاجة إلى الحوار مع الآخر وإلى حوار أمتنا مع نفسها، لنبذ دواعي الفرقة والجهل والغلو والظلم التي تُشكل تبعات تُهدد آمال المسلمين. ومن هذا المنطلق دعت المملكة العربية السعودية وما زالت تدعو إلى الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وهي ماضية في ذلك بإذن الله، سعياً لما فيه خير الأمة الإسلامية والبشرية جمعاء». وأكد أن السّعوديّة «إذ شرفها الله - تبارك وتعالى- بخدمة الحرمين الشَّريفين، وخدمة مَنْ قَصَد هذه الأرض الطَّيِّبة من الحُجَّاج والعُمَّار والزُّوَّار، تَسْتَشْعِر في ذلك جلال المسؤوليَّة، وعِظَم الأمانة الملقاة على عاتقها، وشَرَف الرِّسالة، وتعمل كل ما في وسعها في سبيل ذلك، مُحتسبةً الأجر والثوابَ عند الله - سبحانه وتعالى -، ونحن ماضون في ذلك، لا يَصْرِفنا عنْ شَرَف خدمة ضيوف الرَّحمن صارِف، نستمِدّ العون مِنَ الباري تعالَى، جاعلين خدمة الحاجّ وأمنه أَجَلَّ مسؤولياتنا، حتَّى يَرْجِعُوا - مَشْمُولِينَ برعاية الله - إلى أهلهم بحجّ مبرور، وذنب مغفور، وقدْ نَعِمُوا بالأمن والرَّاحة والطّمأنينة». ومن ناحية أخرى، أكد مساعد قائد الدفاع المدني بمشعر منى العقيد عبدالله السيف عدم رصد أية حوادث مؤثرة أثناء مبيت حجاج بيت الله الحرام أول من أمس، وأثناء توجههم إلى رمي الجمرات، ابتداءً من الساعات الأولى من صباح اليوم، مشيراً إلى استمرار فرق ودوريات السلامة في تفقد اشتراطات السلامة في مخيمات الحجيج وإزالة أية مخالفات بها، ومراقبة قرار حظر استخدام الغاز المسال لأغراض الطهي في المشاعر. وقال العقيد السيف: «إن قوات الدفاع المدني تابعت بكل اهتمام وجاهزية رمي حجاج بيت الله الحرام للجمرات في أول أيام التشريق، ولم يحدث ما يعكر صفو ضيوف الرحمن في منشأة الجمرات أو طرق الوصول إليها لأداء نسك الرمي، مبيناً أن جميع الأمور تسير بشكل جيد ومطمئن، سواء في مخيمات مشعر منى أم منشأة الجمرات». وأعلنت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أنها تواصل تقديم «أفضل الخدمات إلى ضيوف الرحمن في المسجد الحرام من خلال تسخير إمكاناتها بمشاركة نحو 300 موظف، ينفذون عدداً من المهمات، منها منع قص الشعر والحلاقة بساحات المسجد الحرام، ومنع بيع ماء زمزم، ومرور الدراجات النارية والعادية لما تسببه من مضايقة وأذى للمصلين والزوار، فضلاً عن منع الظواهر السلبية كالتسول والبيع والشراء بالساحات ومجمعات دورات المياه». يذكر أن أيام التشريق ثلاثة، يقضيها حجاج بيت الله الحرام على صعيد منى، استعداداً لرمي الجمرات الثلاث. وبدأ الحجاج أمس رمي الجمرات الثلاث، بدءاً من الصغرى، ثم الوسطى، بسبع حصيات لكل جمرة، يكبرون مع كل حصاة ويدعون بعد الصغرى والوسطى، مستقبلين القبلة رافعين أيديهم، داعين بما شاؤوا. وأعلنت السعودية أمس أن عدد حجاج هذا العام زاد بنسبة 8 في المئة ليسجل العدد الإجمالي 3161573 حاجاً، نسبة الذكور منهم 64.3 في المئة، في مقابل 35.7 في المئة للإناث. وأكد مدير مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات مهنا بن عبدالكريم المهنا لوكالة الأنباء السعودية أن المصلحة رصدت تزايداً في أعداد حجاج الداخل في أيام السابع والثامن والتاسع من ذي الحجة لتبلغ نسبتهم 83.5 في المئة. وأشار إلى أن حجاج الداخل الذين استخدموا طريق الشرائع إلى مكةالمكرمة بلغت نسبتهم 37.4 في المئة، بينما بلغت نسبة الحجاج القادمين عبر طريق جدة السريع 30.6 في المئة. وأعلن أمس أن كمية المياه التي تم ضخها عبر شبكات المياه العامة واستهلكها ضيوف الرحمن في مشعر منى (السبت) بلغت 290 ألف متر مكعب من المياه. وأوضح مدير وحدتي أعمال مكةالمكرمة والطائف بشركة المياه الوطنية المهندس عبدالله بن أحمد حسنين أن المياه كانت تصل عبر الشبكات ودورات المياه والمشارب الملحقة بها على مدار الساعة، بإشراف ومتابعة عدد كبير من المهندسين والمراقبين من منسوبي الشركة.