سيطرت القوات الموالية للحكومة الليبية الأربعاء على مدينة بني وليد، أحد آخر معاقل نظام العقيد الراحل معمر القذافي. وتجمّع مئات المقاتلين ومعظمهم من ثوار مدينة مصراتة السابقين، وسط مدينة بني وليد وأطلقوا النار في الهواء ابتهاجاً ورفعوا العلم الليبي على المباني العامة المهجورة، بحسب مراسل «فرانس برس». وقام بعض المقاتلين بتفجير الجدران والنوافذ بقذائف صاروخية وبنادق الكلاشنيكوف. وجاب المقاتلون المدينة في عربات مزودة أسلحة ثقيلة، وقال بعض قادتهم ل «فرانس برس» ان المدينة «تحررت بشكل شبه تام» ولم يتبق فيها سوى بعض جيوب المقاومة في الجزء الجنوبي. وكانت المدينة مهجورة حيث فر السكان والعمال الأجانب منها منذ الأحد. وتلقي الاشتباكات العنيفة في بني وليد والتي اتهمت بأنها تؤوي عدداً من أنصار النظام السابق، بظلالها على الاحتفالات بالذكرى الأولى لإطاحة القذافي في نزاع دموي. وتم منح غطاء «شرعي» للهجوم على بني وليد بقرار من السلطات الانتقالية وذلك بعد مقتل أحد ثوار مصراتة السابقين (عمران شعبان) تم خطفه في بني وليد وتوفي بعيد الافراج عنه بتدخل من طرابلس. وأججت وفاة شعبان التوتر بين المدينتين الجارتين اللتين اختارتا صفين متعارضين ابان نزاع 2011. وكان شعبان أحد الثوار الذين قبضوا على القذافي في قناة للصرف في مدينة سرت يوم مقتله في 20 تشرين الأول (اكتوبر) العام الماضي. ويتهم سكان بني وليد «ميليشيات مصراتة الخارجة عن القانون» بالسعي الى تدمير المدينة وطرد سكانها بسبب خصومات تاريخية يعيدها بعضهم الى بداية القرن العشرين أيام الاستعمار الايطالي. ويقولون إن السلطات ليست لها أي سلطة على هذه المليشيات. على صعيد آخر، أظهرت رسائل رسمية بالبريد الالكتروني أنه تم اخطار مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية بعد ساعتين من الهجوم على البعثة الديبلوماسية الأميركية في بنغازي يوم 11 أيلول (سبتمبر)، بأن جماعة متشددة إسلامية أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم. وحصلت «رويترز» على رسائل البريد الالكتروني من مصادر حكومية طلبت عدم كشف هويتها وليست لها صلة بوكالة الاستخبارات الأميركية. وورد في الرسائل على نحو خاص أن جماعة ليبية يُطلق عليها «أنصار الشريعة» أكدت مسؤوليتها عن الهجمات. كما تبيّن رسائل البريد الالكتروني المقتضبة أيضاً كيف أن ديبلوماسيين أميركيين وصفوا لواشنطن الهجوم حتى اثناء وقوعه. وقُتل السفير كريستوفر ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين في هجوم بنغازي الذي أقر الرئيس باراك أوباما ومسؤولون أميركيون آخرون في نهاية الامر بأنه هجوم «ارهابي» نفّذه متشددون يشتبه في أن لهم صلة بجماعات منبثقة عن «القاعدة» أو متعاطفة معها. وكان متحدثون باسم الإدارة الأميركية من بينهم المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ظلوا يرددون طوال أيام - مستشهدين بتقييم أعدته وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.إيه) - أن الهجمات على الأرجح احتجاج تلقائي على فيلم مسيء للنبي محمد. وبينما لم يشر المسؤولون إلى التورط المحتمل ل «متطرفين» فإنهم لم يلقوا باللوم على أي جماعات متشددة بعينها أو صلات محتملة ب «القاعدة» أو بجماعات منبثقة عنها إلى أن زعم مسؤولو استخبارات ذلك علانية يوم 28 أيلول (سبتمبر). وقالوا إنه توجد مؤشرات على أن متطرفين لهم صلات محتملة بالقاعدة متورطون لكنهم تحدثوا أيضاً عن وجود أدلة على أن الهجمات ربما وقعت تلقائياً. وأضافوا أن خبراء الحكومة أرادوا توخي الحذر قبل الاشارة بأصبع الاتهام بطريقة متسرعة. وأكد مسؤولو استخبارات بعد وقوع الهجوم بوقت قصير أن تقارير الاستخبارات الأولى بشأن الهجوم كانت متباينة. وتتكون السجلات التي حصلت عليها «رويترز» من ثلاث رسائل بريد الكتروني ارسلها مركز العمليات بوزارة الخارجية إلى عدة مكاتب حكومية شملت عناوين البيت الابيض ووزارة الدفاع (البنتاغون) وأجهزة الاستخبارات ومكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) بعد ظهر يوم 11 سبتمبر. وحملت أول رسالة بالبريد الالكتروني توقيت 4.05 بعد الظهر بتوقيت واشنطن أو 10.05 مساء بتوقيت بنغازي بعد 20 إلى 30 دقيقة من الموعد المزعوم لبدء الهجوم على البعثة الأميركية وكتب في خانة الموضوع عبارة «البعثة الديبلوماسية الأميركية في بنغازي تتعرض لهجوم» وتأشيرة «إس.بي.يو» التي تعني أن الموضوع حساس لكنه غير سري. وجاء في النص أن مكتب الأمن الإقليمي بوزارة الخارجية أبلغ أن البعثة الديبلوماسية في بنغازي «تتعرض لهجوم. وتحدثت تقارير من السفارة في طرابلس عن أن نحو 20 شخصاً مسلحاً أطلقوا طلقات رصاص وسمعت أصوات انفجارات أيضاً». ومضت الرسالة تقول: «السفير ستيفنز الموجود حالياً في بنغازي وأربعة ... أفراد في ملاذ آمن بالمجمع. ميليشيا 17 فبراير توفر دعماً أمنياً». وجاء في الرسالة الثانية أن السفارة في طرابلس أُبلغت أن «اطلاق النار على البعثة الديبلوماسية الأميركية في بنغازي توقف وانه تم اخلاء المجمع». وذكرت أن «فريق رد» موجود في الموقع يحاول تحديد مكان الافراد المفقودين. والرسالة الثالثة بالبريد الالكتروني عليها تأشيرة «موضوع حساس لكنه غير سري» وأرسلت في الساعة 6.07 مساء بتوقيت واشنطن وكتب في خانة الموضوع «تحديث 2: أنصار الشريعة تعلن المسؤولية عن هجوم بنغازي». وجاء في الرسالة: «سفارة طرابلس تبلغ بأن الجماعة أعلنت المسؤولية على موقع فايسبوك وتويتر ودعت الى الهجوم على سفارة طرابلس».