يعرف المتابعون لأبرز وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هناك رقابة شديدة وتوجيهاً دقيقاً على كل الأخبار التي تتعلق بأمن إسرائيل، وأن الرقيب العسكري هو الذي يمنع، ويسمح، ويحدد تفاصيل الأخبار التي تنشر في معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية. لذا فإن حادث اختراق الطائرة أجواءَ إسرائيل، سيظل يلقي بظلاله على كثيرٍ من الأحداث التي ستقع في المستقبل . ففي يوم السبت 6/10/2012 في ذكرى مرور 39 عاماً على حرب 1973 اخترقت طائرة بلا طيار أجواء إسرائيل، وحلقت في أجواء غزة ووصلت إلى جبال الخليل من دون أن يعترضها أي عائق. وبعد اعلان الخبر نشر الرقيب العسكري الإسرائيلي صورة وحيدة عن إسقاط الطائرة من قبل طائرة عسكرية إسرائيلية، وبسرعة طارت أخبار الرقيب العسكري إلى كل وسائل الإعلام: «هنَّأ وزير الدفاع سلاح الجو بإنجازاته المتمثلة في إسقاط الطائرة المجهولة الهوية». وقد نُسبت الطائرةُ في البداية لغزة، ثم نُسبت لإيران ، ثم استقر الرأي بأنها قدمت من لبنان من قِبَلِ «حزب الله ، مع العلم بأن كل تلك الأخبار ظهرت من «فوَّهة» الرقيب العسكري الإسرائيلي، ولم تتمكن كل وسائل الإعلام العالمية من الحصول على خبرٍ آخر غير هذا الخبر، وبعد أقل من 24 ساعة، بدأت الرقابة تُسرب أقوالاً أخرى تُفيد بأن سلاح الجو ومنظومة القبة الحديدية، ولواقط الاستخبارات في محطة»أوريم» الاستخباراتية وفي وحدة الاستخبارات الخاصة جداً والغامضة والتي تحمل الرقم 8200 في هرتسيليا، ورادارات سلاح الجو، كلها فشلت في التقاط ذبذبات الطائرة، طائرة «الغول والعنقاء والخل الوفي»، ويعود السبب إلى أن الطائرة اختارت يوم السبت، حيث المتابعة ضعيفة، بسبب عيد السكوت اليهودي. ولا تزال فيالق الاستخبارات، وقوافل الباحثين، وخبراء الأجهزة الغامضة مشغولين حتى اللحظة في تفكيك لُغز طائرة «طاقية الإخفاء»! واستغلّ بعضنا هذه «التعمية المقصودة» من قبل أجهزة الإعلام الإسرائيلية، وبدأ يُلغز بما يفيد أنه صاحب هذه الطائرة الشبح، وبهذا يكون قد وقع في فخ الاستخبارات الإسرائيلية، فتسجَّل أقواله وتُعمم على كل وسائل الإعلام العالمية، باعتباره صاحب الطائرة الشبح. وغاب عن كثيرين أن لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ضلعاً في الطائرة، وأنها قد تكون إحدى ألعاب الاستخبارات الإسرائيلية، لتدويل الحرب على إيران، ومنحها رخصة مطلقة لتنفيذ عدوانٍ عليها وعلى أنصارها في كل مكان في العالم، من منطلق أن أجواء إسرائيل «الغلبانة» والمحاطة بالإرهابيين أعداء الديموقراطية أصبحت مكشوفة لعدوان إيراني... يا حرام! كما أن الطائرة يمكنها أن تؤجل النظر في الخلافات حول الموازنة في الحكومة الإسرائيلية، ما يعني أن تُجرى الانتخابات في موعدها المحدد أواخر عام 2013. كما أن الطائرة الغامضة قد تُدِرُّ دخلاً وفيراً ودعماً على خزينة الدولة وترغم مرشحي الرئاسة في أميركا، الضعيفة جداً هذه الأيام بسبب انشغالها بالانتخابات، إلى اعلان دعمهم المالي لإسرائيل في مجال صواريخ «أرو» وطائرة «إف 35» وأن يزيدوا الدعم لمنظومة القبة الحديد المُتبناة بالكامل من أميركا. ويبدو أن استخبارات إسرائيل قررت علاج الآثار الجانبية الخطيرة التي ظهرت بعد حدث الطائرة الشبح، ومنها قناعة الإسرائيليين بأن دولتهم المصابة بمرض جنون العظمة الحربي دولة غير منيعة ولا محصنة، ولذلك أقدمت بعد ساعات من ظهور هذا العرض الجانبي إلى عرض العضلات التقليدي العسكري، وهو استهداف مواطني غزة. ومواصلة لمتابعة مسلسلها، أرسلت طائرات «أف 16» إلى النبطية، لتشيع الرعب في نفوس أطفال لبنان بالتحليق المنخفض. ولم يكتف الرقيب العسكري للإعلام الإسرائيلي بذلك، بل سمحت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية للمرة الأولى لبعض الصحافيين بزيارة موقع عسكري إسرائيلي مختص بإصلاح الروبوتات الآلية العسكرية، وتصوير المركز القريب من غزة ليتمكن من متابعة «الإرهابيين» فيها، لإنعاش النفوس الإسرائيلية المنكسرة من جراء خبر الطائرة الشبح! وجاء في التحقيق الذي نشرته «جوريزاليم بوست» ان المركز يشبه شركة «آي بي إم» العملاقة. ومن الروبوتات التي يتم إصلاحها في المركز روبوت صغير يُلقيه الجنود في المعركة إلى المكان المقصود، فيسير في كل الظروف، ومهما كانت العوائق مائية أو صخرية، ويتسلق ويصعد السلالم، ويرسل الصور النهارية والليلية، ويوجه بموجات راديو خاصة وسرية، ويقوم حتى بالكشف عن الأنفاق تحت الأرض، ويُفجر العبوات الناسفة، من دون أن يدخل الجنود إلى المكان المفخخ الإرهابي، وهذا يوفر حياة الجنود، بحسب الصحيفة. أما نحن فسنظل في انتظار الخبر التالي عن الطائرة الشبح، وهذا الخبر- للأسف- سيأتي بالتأكيد من فوهة الإعلام الإسرائيلي وحده، أو ننتظر «بطلاً إسرائيليا» يكشف لنا أسرار إسرائيل على شاكلة موردخاي فعنونو الذي أماط اللثام عن مفاعل ديمونا!