في الرابعةِ من عمرها كانت الطفلةُ «مناهل» بالمعنى العامي لدينا «طرما»، أي الفتاة التي لا تحرز نطق أية كلمة، وقد فسرت لي سبب ذلك بأنها كانت تظن أن الفكرة التي تدور في عقلها لا بد من أن تسمعها أمها، فهي حين تشعر بالجوع تستغرب لمَ لا تحضر أمها الطعام. لكن أمها فطنت إلى أن عجزها اللغوي يحتاج إلى عرض على طبيب، ومن ضمن إجراءات الفحص تم قياس درجة ذكائها الذي فاجأ الجميع، لقد أثبت القياس أنها تتجاوز الحد الطبيعي إلى الذكاء النادر، ولأنها كانت في بريطانيا وليس في بلد عربي، ركض الجميع يحمي هذه الثروة وتبنتها منظمة الذكاء النادر مدى العمر، وهي منظمة ترعى فائقي الذكاء وتسخِّرهم لنظام تعليمي يناسب قدراتهم، لكنهم في الوقت نفسه يحافظون على بيئتهم الطفولية بمواصلة دراستهم في الصفوف الصباحية حتى لا يفقدوا قدرات التواصل مع الآخرين الذين في عمرهم، وبعد الظهر يذهبون لفصول دراسة المواد الرياضية لمراحل متقدمة تناسب ذكاءهم وتطوره. خضعت لبرامج تدريب لغوي وتواصل اجتماعي، كي يحافظوا على نموها الاجتماعي المهم لكل إنسان وليس فقط العقلي، ولو كانت في بلاد عربية لوضعت بسرعة ضمن المتوحدين، ونامت مواهبها. هذه الفتاة العربية هي اليوم نائبة الرئيس والرئيس التنفيذي لمنظمة World Intelligence Network، وهي منظمة مسؤولة عن 27 مؤسسة لمتفوقي الذكاء في العالم، التي تضم أكثر من 36800 نابغة، وعباقرة وجهابذة في شتى المجالات. وقد ترجمت لي طبقات الذكاء المرتفع التي نستخدمها نحن جُزافاً، بأنها تتدرج من عبقري إلى جهبذ إلى فطحل، وقد كانت هي «فطحلة»، بل وانتهى بها الأمر إلى أن تكون هي رئيسة تنفيذية لكل الفطاحلة. قد خضعت، كي تحصل على هذا المنصب، في تنافس محموم بينها وبين فطحل ياباني، كانت هي في ال27 من العمر وعربية والياباني في ال45، وقد كان الشك يحوم في المنظمة حول قدرة الجين العربي على منافسة الياباني في الذكاء، فالعرب ليست لديهم سابقة في هذا، لكنها فازت على فطاحلة العالم. تتحدث الدكتورة مناهل ثابت بسخرية عن مدارسنا التي لا تزال عالقة في نظرية سرعة الضوء ونظرية إينشتاين، وتقول إن العالم قد توصل إلى 22 بُعداً افتراضياً، وهم لا يزالون عالقين في البُعد الرابع. لكنها تستعين بمقولة إينشتاين أيضاً: «هناك اثنان لا حدود لهما، الغباء البشري والكون». نالت الدكتورة مناهل شهادة الدكتوراه في الهندسة المالية، بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف، وكانت من القلائل، بل وأول عربية تحصل على هذه الدرجة. كما مُنِحت لقب «ضليع رياضيات» من المنظمة نفسها، كما لُقِّبتْ بملكة البورصة من «وول ستريت جورنال». أطروحتها في مجال رياضيات الكم كانت عن وضع معادلات رياضية جديدة لحساب مسافات الكون في غياب الضوء وقياس سرعة العناصر الصغرى لمشتقات الذرة باستخدام complex numbers، وهي المرأة الوحيدة في العالم التي تدخل علم الانضباط بالنظريات الميتافيزيقية. وقد قبلت مجالس الجامعات الأميركية (استثناءً) الأطروحةَ الجديدةَ للدكتورة مناهل، بسبب ندرة هذا الموضوع. في حال النجاح ستكون النظرية ثورة في علم الرياضيات مع الفيزياء الكمية. وقد أظهرت منظمات عدة، من بينها وكالات فضاء، استعدادها للحصول على النتائج من الناحية النظرية. وهذا يعطي الدكتورة مناهل شهادة دكتوراه ثانية في سن ال30. لا بد من أنكم ستفكرون مثلي بحال كل أطفالنا الحائرين في تصنيف مدارسنا بين درجة متوحد وبين فطحل، لكنني أحيلكم إلى مشاهدة برنامج «مساواة» يوم الجمعة المقبل، حيث ستسمعون حديثاً شيقاً من الدكتورة مناهل ثابت مع الزميلة ميساء عامودي، وقد تجدون إجابة عن هذا السؤال. [email protected]