تحوّلت الطفلة هايدي هانكينز إلى العضو الأحدث في «مجتمع» خاص بها وبأمثالها، رغم انها لم تتجاوز بعد الرابعة من عمرها. إنه مجتمع «مينسا» الذي يضم «العباقرة» في بريطانيا. أعلنت «مينسا - جمعية الأذكياء»، هذا الشهر، أنها ضمّت إلى عضويتها الطفلة هايدي بعدما سجّلت 159 نقطة على مقياس الذكاء (IQ) لتصبح بذلك واحدة من بين 90 طفلاً وطفلة فقط من دون سن العاشرة من عمرهم يتم قبولهم في هذه المؤسسة المرموقة التي تُعتبر «مجتمعاً» خاصاً بالموهوبين في بريطانيا منذ أربعينات القرن الماضي. وعلى رغم أن هايدي لم تدخل المدرسة بعد، لم تخف مواهبها الخارقة على أهلها وعلى المشرفين عليها في الحضانة في مدينة وينشستر بمقاطعة هامبشير، جنوب إنكلترا. ويقول والدها ماثيو (46 سنة)، وهو محاضر في جامعة ساوثهامبتون، إنه كان يعتبر منذ البدء أن ابنته ذكية لكونها بدأت القراءة في وقت مبكر جداً. ويضيف: «جلبت لها السلسلة الكاملة لكتب «أكسفورد ريدينغ تري» عندما كانت في الثانية في عمرها وقد قرأت السلسلة كلها المؤلفة من 30 كتاباً في نحو ساعة من الزمن. وهو أمر لا يُتوقع أن يقوم به من هم دون سن السابعة». ولم يتوقف ذكاء هايدي عند حدود القراءة، فهي أظهرت قدرة على الجمع والطرح والرسم وكتابة الجمل. وعندما أبلغ المشرفون على حضانتها أهلها ب «يأسهم» من عدم ايجاد نشاط يمكن أن يشكّل لها تحدياً لا تستطيع حلّه، قرر أهلها إخضاعها لاختبار الذكاء في جمعية «مينسا». فسجّلت الطفلة معدّل 159 نقطة، علماً أن معدّل «آي كيو» الشخص الناضج هو 100 درجة فقط. مقارنة مع آينشتاين! ويقول جون ستيفينيج الرئيس التنفيذي ل «مينسا» إن أهل هايدي كانوا مصيبين في ملاحظتهم الإمكانات العالية التي تتمتع بها ابنتهم، وهنأهم على لجوئهم إلى إخضاعها لاختبار فحص الذكاء. وأعاد قبول هايدي في «جمعية الأذكياء» إثارة النقاش القديم في شأن هل أن الذكاء يأتي بالفطرة أم أنه نتيجة تراكم الخبرة؟. وبصرف النظر عن هذا الجدل، فإن الأكيد أن ليس هناك أدنى شك في ذكاء هايدي، رغم أن اختبار الذكاء (آي كيو IQ) الذي خضعت له ليس سوى وسيلة لقياس سرعة البديهة، وهو أمر يتم خلطه في أحيان كثيرة خطأ بسعة المعرفة أو الحكمة أو الذاكرة. لكن ال «آي كيو» (Intelligence Quotient) لا يعني سوى محاولة لقياس «محصول الذكاء»، وقد حققت فيه الطفلة الإنكليزية مرتبة مرتفعة جداً دفعت الصحف البريطانية إلى مقارنتها بآلبرت آينشتاين وعالم الفيزياء ستيفن هوكينغز وكلاهما يُقال إنه سجّل معدّل 160 درجة على مقياس ال «آي كيو». غير أن هذه المقارنة لا تبدو في محلّها، إذ أن معدّل الذكاء المتداول لآينشتاين هو مجرّد تقدير (لم يخضع لهذا الاختبار)، كما وضع هايدي في نفس درجة الفيزيائي «هوكينغز» لا يصح لأن ال «آي كيو» فئات مختلفة («آي كيو» الأطفال غيره للبالغين). وفي أي حال، لا تجزم «مينسا» في أمر ارتباط ذكاء الأطفال بالفطرة أو باكتساب الخبرة. وتقول لين كيندال، المستشارة الاختصاصية بالأطفال الموهوبين في هذه الجمعية في بريطانيا، يمكن للأهل أن يعرفوا بسهولة ما إذا كان طفلهم موهوباً بالفعل أم لا. وتوضح: «معظم الأهل يدرك الإشارة الأولى إلى أن ابنهم أو ابنتهم أذكى من المعدّل عندما يتم إدخالهم إلى الحضانة. ذوو الأطفال الأخرين في الحضانة يدلون بتعليقات (حول مدى ذكاء الطفل)، ثم تصدر تعليقات أخرى عن المشرفين على الحضانة، ويمكن أن تبدأ أنت (الأب أو الأم) في ملاحظة هذا الأمر عندما ترى طفلك مع الأطفال الآخرين». وتضيف أن «مينسا» لا تضم سوى 2 في المئة من الذين يسجّلون أعلى النقاط على مقياس الذكاء، لكن ذلك ليس محصوراً بالبالغين، على رغم أن شروط الانضمام تنص على أن يتجاوز عمر الفرد صاحب الذكاء الخارق عشر سنوات ونصف السنة. وعلى رغم ذلك تضم الجمعية حالياً قرابة 90 طفلاً دون العاشرة من عمرهم أحدثهم الطفلة هايدي. لائحة مؤشرات وتورد كيندال لائحة بأشياء يتعيّن على الأهل أن يلاحظوها في أطفالهم إذا كانوا موهوبين، مثل: امتلاكهم ذاكرة غير عادية، اجتيازهم المراحل الفكرية في وقت مبكر، بدئهم القراءة في وقت مبكر، أن تكون لهم هواية أو رغبة في معرفة أدق التفاصيل في مواضيع معيّنة، نفورهم من الأطفال الآخرين، معرفة الأحداث العالمية، تحديد الطفل معايير عالية للأمور التي يود إنجازها، تحقيق علامات عالية، تفضيل الطفل قضاء الوقت مع البالغين أو البقاء في وحدة، الشغف في الحديث، طرح أسئلة معظم الأوقات، التعلّم بسهولة، روح المرح، حب الموسيقى، حب أن يكون هو في موقع المسيطر، تحديد قواعد جديدة للعبة كما يشاء، الانفتاح أو الانغلاق على الغير. لائحة يمكن أن تدفع، بلا شك، كثيرين إلى بدء مراقبة أطفالهم لمعرفة من منهم سيكون «نابغة» عصره.