على مدى الاسبوع الماضي، واستعداداً للمناظرة التلفزيونية الثانية بين المتنافسَيْن على الرئاسة الاميركية اليوم، هاجم ميت رومني السياسة الخارجية لباراك اوباما واتهمه بالفشل في حماية أمن الولاياتالمتحدة ومصالحها. رومني مرشح الحزب الجمهوري الذي خاض آخر رئيس اميركي يمثّله، جورج بوش الابن، ثلاث حروب خاسرة في افغانستان والعراق وضد الارهاب، ودمر الاقتصاد الاميركي وأثار ازمة مالية عالمية. اوباما جاء مع هذا الإرث الثقيل فسحب القوات الاميركية من العراق، وبدأ يسحبها من افغانستان، وشهدت ولايته قتل اسامة بن لادن، فكانت حربه الوحيدة ضد مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون وهم اختاروا ان تستمر معاناة الاميركيين اقتصادياً ليحمّلوا اوباما المسؤولية عما اقترف الرئيس الجمهوري الجاهل وحزبهم بحق اميركا. ما هي سياسة رومني الخارجية؟ جوابي انا هو انه لا يعرف شيئاً عنها يؤهله ان يديرها ممثلاً الدولة العظمى الوحيدة الباقية في العالم، وتجربته الوحيدة هي جولة خارجية في الصيف بدأت بإهانة الانكليز الذين اتهمهم بأنهم لا يعرفون كيف يديرون الالعاب الاولمبية، فكانت أنجح ألعاب منذ عقود، وقال ان الفلسطينيين مسؤولون عن مصيبتهم وأنهم يريدون تدمير اسرائيل، فردّت الجمعية العامة للامم المتحدة باستقبال ممثل فلسطين، الرئيس محمود عباس، بالتصفيق داخلاً وخارجاً، ومقاطعة خطابه ثماني مرات بتصفيق لم يحظ به اي خطيب آخر. وكان رومني قبل هذا وذاك قال انه يعتبر روسيا عدو الولاياتالمتحدة او خصمها. في المعهد العسكري في فرجينيا ألقى رومني خطاباً يمكن ان نعتبره برنامجه في الشؤون الخارجية، وخلاصته زيادة الإنفاق العسكري في بلد مفلس، مع وعد بتسليح المعارضة السورية بالاسلحة الثقيلة لإسقاط النظام، وبالتالي إلحاق هزيمة بحليفته ايران. وهو على ما يبدو يعتقد انه يعرف اكثر من الدول العربية التي تريد سقوط النظام السوري، ولكن تخشى ان يقع السلاح الثقيل في ايدي ارهابيين اصبحوا يعملون علناً داخل سورية، ويسيئون الى المعارضة الوطنية ويعرقلون مهمتها. يبدو ان التفاصيل لا تدخل في حساب المرشح الجمهوري، فهو وعد ايضاً بالعمل لبناء الديموقراطية في ليبيا واعتقال الارهابيين الذين نفذوا هجوم 11 من الشهر الماضي الذي ادى الى قتل السفير الاميركي كريستوفر ستيفنز وثلاثة ديبلوماسيين آخرين. هي سياسة منطقية غير انها السياسة المعلنة لإدارة اوباما، ورومني لا يقول كيف سينفذها بشكل مختلف عما تعمل الادارة. ازعم ان ميت رومني حليف مجرم الحرب بنيامين نتانياهو، ويريد ان ينفذ بأرواح الاميركيين وأموالهم مؤامرات رئيس وزراء اسرائيل ضد العرب والمسلمين. وهو متقدم في استطلاعات الرأي العام للمرة الاولى منذ شهرين نتيجة كذبه، ما يعني انه سيكذب من جديد اليوم. لو فاز رومني بالرئاسة لدمر ما بقي من قوة اميركا العسكرية والاقتصادية، وهنا سأتوكأ على المناظرة الاولى بين المرشحين، التي ركزت على الاقتصاد، فخرج رومني منتصراً لأنه كذب وكذب، والمشاهد الاميركي ليس على اطلاع كاف ليدرك ان رومني خدعه. أتجاوز رأيي وأختار من افضل مراجع اميركية متوافرة، بدءاً بالمرجع الاقتصادي البارز بول كروغمان الفائز بجائزة نوبل الذي كان مقاله في «نيويورك تايمز» في اليوم التالي للمناظرة «نكتة رومني السمجة». هو قال ان خطة رومني الاقتصادية لا تغطي الالتزامات الموجودة كما زعم، وسأل هل كان رومني يكذب، ورد انه إما كان يكذب او قال نكتة سمجة كانت بين مواقف عدة خاطئة له خلال المناظرة. وصدرت ارقام البطالة بعد المناظرة بيومين، اي الجمعة الخامس من هذا الشهر، وأظهرت انخفاضها الى ثمانية في المئة، او ادنى حد في رئاسة اوباما، وأكد كروغمان انها صحيحة وليست «مؤامرة» كما زعم انصار المرشح الجمهوري. في الوقت نفسه، نشرت «واشنطن بوست» في افتتاحية لها عنوانها «رجل الترليونات الخمسة» قالت فيها ان اوباما لا يملك خطة مناسبة لخفض الدين على الحكومة، غير ان خطة رومني اسوأ وستجعله خمسة ترليونات دولار. ومن هنا كان عنوان الافتتاحية. وقالت «نيويورك تايمز» ان سياسات رومني مثل سياسات اوباما، وإذا اختلفت عنها فهي تقود الولاياتالمتحدة في اتجاهات خاطئة بل خطرة. اليوم المناظرة الثانية وأعرف ان رومني سيكذب ويراوغ وأنتظر استطلاعات الرأي العام غداً لأرى إن كان نجح في خداع الناخبين مجدداً، او انهم لم ينخدعوا به او يُلدغوا مرتين. [email protected]