ساد توتر شديد في منطقة القبائل في وسط الجزائر بعدما كاد مقتل أربعة مدنيين مساء أول من أمس على أيدي مسلحين من «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» أن يفجر تظاهرات عنيفة، لولا تدخل شهود أكدوا وقوف التنظيم وراء الهجوم، بعدما حاولت أطراف حزبية توجيه الغضب إلى قوات الأمن التي «تأخرت في الوصول»، إلى موقع الهجوم. ودعا حزب «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية»، المعارض إلى فرض إجراءات أمنية صارمة في منطقة القبائل لتسريع عودة الهدوء. وهدأت الأوضاع في مدينة تادمايت غرب تيزي وزو عاصمة القبائل (110 كلم شرق الجزائر العاصمة)، بعد ليلة صاخبة تحرك خلالها بعض الأهالي للخروج في تظاهرات تدعو السلطات إلى توفير الحماية الأمنية لسكان الأرياف. ويقطن معظم سكان القبائل في مناطق جبلية تمسكاً بتقاليدهم وأرضهم، لكن منطقتهم تشهد منذ عقدين تصعيداً في العنف لم يهدأ مع عودة الأمن إلى معظم ولايات الجزائر، بسبب استقرار قيادات «القاعدة» في جبال المنطقة. وبدأت الأحداث ليل الاثنين - الثلثاء بعدما عثر سكان محليون في منطقة إشكالن التابعة لبلدية تادمايت، على أربعة من سكان المنطقة مقتولين بالرصاص. واستناداً إلى مصادر أمنية موثوقة، فإن جماعة مسلحة اعترضت طريق الضحايا الذين كانوا على متن عربة، وتم إطلاق وابل من الرصاص عليهم حتى لفظوا أنفاسهم الأخيرة، اعتقاداً من المسلحين أن العربة تنقل «مؤونة لثكنة للجيش قريباً من الموقع». وروى شهود أن «شخصيات حزبية تحركت بين السكان وحاولت تحريكهم ضد السلطات ومصالح الأمن بحجة أنها تأخرت في الوصول لموقع الهجوم». ولفت مصدر أمني إلى أن «العملية من تنفيذ عناصر من منطقة الوسط في التنظيم المسلح»، التي يقودها أحد القادة السابقين ل «الجماعة الإسلامية المسلحة»، وهو عبدالمؤمن رشيد المكنى «حذيفة الجند». ودعا «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية»، السلطات إلى «التكفل العاجل والحقيقي بالوضع الأمني في الولاية». ودعا السكان إلى «التحلي باليقظة لإفشال أي محاولة توظيف قد تدخل المنطقة في فوضى لا تحمد عقباها»، في إشارة إلى حديث ناشطين من حزب معارض آخر عن احتمال أن يكون الجيش قتل المدنيين الأربعة «خطأ». وحذر «التجمع» السلطات الجزائرية من «محاولة قمع المواطنين الذين يعبّرون عن معاناتهم». ورغم محاولات التهدئة التي قادها أعيان في المنطقة عقب اكتشاف الجثث الأربع، فإن غضب شباب تادمايت اشتعل وخرجوا في تظاهرات إلى وسط المدينة، مقتحمين مركز الشرطة، كما قطعوا طريقاً رئيسة. وقال شهود إن المتظاهرين طالبوا ب «توفير أكبر للأمن». والشائع أن أكبر عدد من العسكريين المنخرطين مباشرة في ملف «مكافحة الإرهاب»، ينتشرون في منطقة القبائل. و عادت الأمور أمس إلى طبيعتها، وتم إخلاء الطريق المقطوعة، فيما شاركت وحدات جديدة في التمشيط بحثاً عن المسلحين قرب تادمايت. وتواجه فرق الجيش صعوبات كبيرة في ملاحقة عناصر التنظيم في الولاية بعد تعمد سرايا من «القاعدة» إضرام النيران في حدود معاقلها لتعطيل عمليات التعقب. وتعوّل قيادة الجيش على إنهاء التوتر بتوجيه ضربات كبيرة ضد التنظيم المسلح.