على رغم أن الباحثين المتخصصين في الإعلام لا يصنفون موقع «تويتر» ضمن مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«يوتيوب» و«ماي سبيس»، باعتباره موقعاً لصحافة الجماهير، إلا أن صحافيين متمرسين يغردون أخباراً وآراء منسوخة من صحف أو وكالات من دون الالتزام بالقواعد المهنية البديهية، التي تحتّم عليهم ذكر مصدر الخبر أو اسم كاتب الرأي. فبعكس مواقع التواصل الاجتماعي التي يغلب على طبيعتها تبادل المستخدمين الصور الشخصية والأغاني ومقاطع الفيديو المنوعة، فضلاً عن أحاديث الدردشة، فإن موقع «تويتر» يرسم لمستخدميه مسار الممارسة الصحافية، وإن كان بشكل غير رسمي، التي يتفوق فيها صاحب السبق في نشر خبر جديد، ويبرز من خلالها صاحب الأولوية في إعلان رأي مختلف، ولاسيما أن المستخدم في «تويتر» ملزم بقيود ال140 حرفاً لكل تغريدة - خبراً أو رأياً، ما يعني مزيداً من الحرص على التعبير بأقل عدد من الكلمات، تماماً كما هي الحال في الصحافة التقليدية. ولعل ما عزز الانطباع باختلاف موقع «تويتر» عن مواقع التواصل الاجتماعي، استخدام الموقع من المشاهير والجهات الرسمية في أحيان غير قليلة كموقع موثوق يبثون فيه أخبارهم الجديدة أو ينفون من خلاله إشاعات ألصقت بهم، أو حتى ليتناقشوا فيه مع جمهورهم في قرارات اتخذوها أو ينوون اتخاذها. وإن سقطت الملامة عن مغردين كثر من عامة الناس لا يلتزمون بقواعد مهنة الصحافة في أهمية ذكر مصدر الخبر لقلة المعرفة والوعي مثلاً، فإنه يتعذّر فهم دوافع إغفال صحافيين مشهورين ذلك. إذ صار من الطبيعي أن يقرأ المستخدم على صفحة أحد المغردين من الصحافيين البارزين أو كتاب الرأي الأكاديميين خبراً منسوخاً من الصفحة الأولى لصحيفة معيّنة، من دون أن يكلف المغرد نفسه عناء ذكر مصدر المعلومة، لتبدو تغريدته من دون توثيق مصدرها الأصلي كمن ينسبها إلى نفسه، ليحظى بامتياز إعلانها على جمهور متابعيه كسبق شخصي، الأمر الذي يتعارض من أبجديات العمل الصحافي المحترف. ومن أمثلة تلك التغريدات (مجهولة المصدر) ما كتبه الإعلامي راشد الفوزان ذات مرة «إن الفساد يعوق رفع متوسط دخل السعوديين ل315 ألف ريال...»، وكتب في أخرى أن «أرامكو تحقق في تلقي مسؤولين بها رشاوى من شركة أميركية...» كما نشر الإعلامي عادل الدحيلان تغريدة مشابهة جاء فيها خبر عن «إعلان شركة أرامكو بأنها توصلت إلى الهكر الذي دمر شبكتها الالكترونية...» فيما ينشر حساب باسم «أخبار السعودية» عدداً من الأخبار المماثلة، من بينها «كشف رئيس جمعية حقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني أن وزارة الداخلية سمحت للجمعية بإقامة مكاتب خاصة بها في السجون التابعة للمباحث». ولعل غياب تقنين القوانين الصارمة في ما يخص مخالفات النشر الإلكتروني في السعودية يقلل من حرص المستخدمين لموقع مثل «تويتر» على الالتزام بتوثيق مصدر المعلومة، وهو أمر يؤكده الباحث في الإعلام الجديد موسى الغامدي، الذي يرى في «تويتر» موقعاً تنطبق عليه مواصفات الصحافة الإلكترونية، التي يتوجب على الناشر فيها تحمّل مسؤولية كل معلومة ورأي ينسبه الشخص إلى نفسه. لافتاً إلى أن وسائل الإعلام في الدول التي تُحكم رقابة القانون على كل ما ينشر، تحرص على أن يكون في كل مؤسسة إعلامية فريق من القانونيين المتخصصين، الذين يُخضعون كل المواد للتقويم قبل إعطاء المسؤولين عن التحرير في المؤسسة الإعلامية الضوء الأخضر لنشر المادة. وأضاف: «من المهم أن يستجد نظام لقواعد النشر يحتوي في بنوده ثورة «تويتر» الإعلامية، ويرسم إطاراً قانونياً لجميع حالاتها». من جهته، أوضح المستشار القانوني ماجد جالي ل «الحياة» أن اقتباس المغردين في «تويتر» لعنوان أو معلومة من مادة حصرية لإحدى الصحف لا يعد بالضرورة خرقاً قانونياً، باعتبار أن مواد الصحيفة تصبح أمراً مشاعاً بعد نشرها، إلا إذا رأت الصحيفة أن إحدى موادها الحصرية المؤثرة نسبت إلى غيرها من المغردين، فمن حقها أن تطالبه بحقها الأدبي لاعتبار ملكيتها الفكرية لهذه المادة. وفي ما يخص المسؤولية القانونية لكل ما يتحدث به المغردون على حسابتهم الشخصية أمام القضاء، فأوضح جالي أن ما يكتبه المغردون على صفحتهم الشخصية في «تويتر» يمكن أن يدين صاحبه قانونياً في حال ثبت للقضاء أن الصفحة تعود بالفعل للشخص المغرد، لافتاً إلى أن مما يعزز ثبوت المعلومات في «تويتر» للأسماء المغردة وجود إشارة الاعتماد الزرقاء على شكل علامة «صح»، التي يمنحها موقع «تويتر» للمغردين المشهورين.