التف الرئيس المصري محمد مرسي على نص قانوني يمنعه من إقالة النائب العام بتعيينه سفيراً لدى الفاتيكان، ما يعني عملياً شغور منصبه لتعيين خلف له، في محاولة لاحتواء موجة الغضب من حكم تبرئة جميع المتهمين في قضية قتل المتظاهرين يومي 2 و3 شباط (فبراير) 2011 المعروفة إعلامياً ب «موقعة الجمل». وتتهم قوى سياسية ومنظمات حقوقية النيابة العامة وقضاة التحقيق بتعمد «إخفاء» أدلة في قضايا قتل المتظاهرين التي حصل معظم المتهمين فيها على أحكام بالبراءة لغياب الأدلة. وانصبت الانتقادات خصوصاً على النائب العام عبدالمجيد محمود الذي كان الرئيس السابق حسني مبارك عينه في العام 2006. وأصدر مرسي قراراً بتعيين محمود سفيراً لمصر لدى الفاتيكان، على أن يقوم أحد مساعديه بأعمال النائب العام، غداة الحكم ببراءة جميع المتهمين في قضية «موقعة الجمل» التي تضم عدداً من رموز نظام مبارك، أبرزهم الرئيسان السابقان لغرفتي البرلمان فتحي سرور وصفوت الشريف، إضافة إلى رجال أعمال ونواب سابقين. وسبق قرار مرسي اجتماع مع هيئة مستشاريه ورئيس الجمعية التأسيسية القاضي السابق حسام الغرياني، قبل أن يجتمع في حضور نائبه القاضي السابق محمود مكي برئيس وزرائه هشام قنديل وعدد من الوزراء في مقدمهم وزيرا العدل أحمد مكي والشؤون القانونية محمد محسوب. وقالت الرئاسة في بيان ان مرسي قرر «استعجال لجنة تقصي الحقائق» في قتل المتظاهرين، كما «كلف الحكومة وضع قانون لحماية الثورة والمجتمع وتحقيق العدالة بهدف حماية مكتسبات الثورة، والتعجيل بالإجراءات التي من شأنها أن تحقق القصاص العادل والعدالة الناجزة للشهداء والجرحى في ثورة 25 يناير وما بعدها من أحداث، وتحقق أيضاً التوازن بين تحقيق العدالة الناجزة وتحقيق القانون». وكان حكم «موقعة الجمل» أحرج مرسي الذي تعهد قبل صدوره بثلاثة أيام فقط «القصاص للشهداء». وأربك الحكم أيضاً خريطة التظاهرات التي كانت قوى ليبرالية ويسارية تنوي تنفيذها اليوم في ميدان التحرير للمطالبة بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور التي يهيمن عليها الإسلاميون، إذ أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاؤها السلفيون المشاركة في التظاهرات «للضغط باتجاه إعادة محاكمة رموز النظام السابق وإقالة النائب العام». وبدا واضحاً أن كل الأطراف تسعى إلى التبرؤ من الحكم، فأعلنت وزارة الداخلية «احترامها أحكام القضاء»، فيما سعى النائب العام قبل إطاحته إلى التخفيف من حدة الضغوط، وأكد أن «النيابة العامة لم تشرف على تحقيقات في موقعة الجمل، وإنما أدارها قضاة منتدبون من وزارة العدل»، كما أعلن أنه يبحث في الطعن على الأحكام. وكان أكثر من 20 حزباً وحركة ليبيرالية ويسارية أشهرها حزب «الدستور» برئاسة محمد البرادعي و «التيار الشعبي» بقيادة حمدين صباحي، أعلنت قبل أيام اعتزامها تنظيم تظاهرات للمطالبة بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور ومحاسبة مرسي على تعهدات المئة يوم الأولى من حكمه. لكن جماعة «الإخوان» أعلنت التظاهر اليوم في ميدان التحرير «احتجاجاً على الحكم في قضية موقعة الجمل»، ما أثار اتهامات للجماعة بمحاولة احتواء التظاهرات ضدها عبر المشاركة فيها ومخاوف من تكرار احتكاكات حدثت في تظاهرات سابقة. لكن الجماعة رفضت هذه الاتهامات.