أعرب رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور عن أمله بأن تتراجع جماعة «الإخوان المسلمين» وحزبها «جبهة العمل الإسلامي» عن قرارهما مقاطعة الانتخابات النيابية المقررة مطلع العام المقبل «في أسرع وقت ممكن». وقال النسور في تصريحات إلى «الحياة» وسط تجمع للمواطنين والصحافيين أمام منزله في مدينة السلط، القريبة من العاصمة عمان أمس، إن «إجراء الانتخابات من دون الإسلاميين سيلحق الأذى بمسيرتنا الديموقراطية». وأضاف أن «وجودهم في العملية السياسية سيعطي نكهة وقوة للبرلمان المقبل»، مشيراً إلى أن «الأردن يحتاج إليهم كما يحتاجون إليه». وفي تصريحات بدت لافتة، أوضح النسور أن البقاء في الشارع «قد يؤدي إلى مخاطر غير محسومة»، معتبراً أن الإصلاح الحقيقي «يكون عبر ورقة الاقتراع وليس في حمل اليافطات». وتابع أن «الدولة تريد الذهاب نحو إصلاح حقيقي. والإسلاميون كذلك، لكنهم يريدون تحقيق هذا الإصلاح بوتيرة أسرع، ونظن أن هذه الوتيرة أقل ضماناً وثباتاً وأكثر مخاطر». وزاد «الإخوان المسلمون ليسوا دخلاء على الوطن، هم مكون أصيل، ونخاصمهم إذا ما شعرنا أن قرارهم غير أردني... كنا طيلة العقود الماضية رفقاء طريق، ونأمل بأن يعودوا فوراً إلى خيار المشاركة». وحول إمكان تعديل قانون الانتخاب (قانون الصوت الواحد) وفق ما تطالب به المعارضة الإسلامية - المكون السياسي الأبرز في البلاد - اعتبر النسور أن القانون «مر بكل مراحله الدستورية ولا نية للتراجع عنه أو تعديله، كما لا نية لفرض حال الطوارئ بغية تعديله، فقد فات الأوان ولا يوجد وقت لذلك». وكانت تحليلات ودعوات من سياسيين راجت أخيراً وطالبت بإعلان حال الطوارئ لفترة قصيرة جداً، وذلك للخروج من حال «الاستعصاء السياسي» والوصول إلى توافقات مع الإسلاميين تضمن تعديل القانون بصورة قانون موقت. وإذ أكد الرئيس أنه كان من أشد المعارضين لقانون الانتخاب وصوّت ضده في البرلمان الأخير «تمنى على الجميع أن يسارعوا إلى التسجيل للانتخابات، باعتبار أن القانون بات نافذاً بعد أن انصاعت الأقلية النيابية (التي كان يمثلها) لرأي الغالبية التي أقرته بشكله الحالي». وكان النسور أكد قبل توليه الرئاسة رفضه «العنيد» للقانون الذي ستجرى على أساسه الانتخابات، كما أوضح غير مرة ضرورة أن يشارك الجميع فيها، بل ذهب إلى حد المطالبة بتأجيل الانتخابات إن «لم تنجح الدولة في إقناع شرائح المجتمع كافة بالمشاركة». ورأى النسور أن التحدي الأبرز الذي ستواجهه حكومته يتمثل في «إنجاز انتخابات نزيهة تستعيد ثقة الناس التي لم تعد تؤمن بالبرلمان، بسبب تجارب سابقة تأكد أنها لم تكن نزيهة». وأوضح أن «لدى الحكومة الجديدة توجيهات صارمة بعدم العبث في الانتخابات من أي جهة كانت». وفيما تبقى من ساعات على انتهاء التسجيل، دعا النسور الأردنيين إلى تقييد أسمائهم في كشوفات الانتخاب والتوجه إلى صناديق الاقتراع في الموعد المحدد. وشدد على ضرورة أن تكون الفترة المقبلة حافلة ب»الاستقرار والهدوء والتفاهم الوطني»، مضيفاً: «يجب أن نحقق الأمان، حتى نعبر المرحلة الراهنة ومعنا وطن قوي وعزيز». وترافقت تصريحات النسور إلى «الحياة» مع أول لقاء رسمي جمعه بقيادات حزب «العمل الإسلامي»، لثنيها عن مقاطعة الانتخابات. والتقى النسور في دار مجلس الأعيان أمس وفداً إخوانياً بقيادة الشيخ حمزة منصور، الذي قدم قائمة مكتوبة تتضمن إصرار الجماعة على تعديل قانون الانتخاب. وسرعان ما تحول ترحيب الإخوان «الحذر» بقرار تكليف النسور إلى هجوم صريح، إذ قال القيادي الإخواني عبدالله فرج الله، وهو أحد المشاركين في اللقاء، إن «النسور لا يمتلك إرادة حقيقية لإنجاز الإصلاح». وأبلغ فرج الله «الحياة» أن الرئيس أكد عدم استطاعته تغيير القانون. وأضاف: «طالبناه بما كان يطالب به تحت قبة البرلمان، فالقانون الحالي لا يعبر عن إرادته». وعلمت «الحياة» أن النسور قدم لجماعة «الإخوان» عرضاً جديداً خلال اللقاء، يتضمن تمديد فترة التسجيل للانتخابات مرة ثالثة مع ضمان نزاهة التسجيل والانتخاب فقط، وهو العرض الذي رفضه «الإخوان». ويرى سياسيون حاورتهم «الحياة» أن ثمة رسائل عدة في اختيار النسور، منها خبرته السياسية والاقتصادية الطويلة وقدرته على منح الانتخابات المرتقبة نوعاً من الصدقية، باعتباره أحد رجالات الدولة المنفتحين على قوى المعارضة المختلفة. لكن النسور لن ينجح - وفق هؤلاء - في تهدئة «الإخوان» الذين يؤكدون تمسكهم بالشارع ما لم يعدل القانون.