أعربت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أمس عن قلقها من «الغموض» الذي يلف الانتعاش الاقتصادي ودفع بصندوق النقد الدولي إلى خفض توقعاته الاقتصادية. ولدى افتتاحها الجمعية السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، دعت لاغارد الدول الغربية إلى الاستفادة من «الاندفاع» الذي ولدته المصارف المركزية للتخفيف من الأزمة الاقتصادية، وعلى هامش الافتتاح عقدت كل من مجموعة السبع ومجموعة «بريكس» قمتين في العاصمة اليابانية. واعتبرت لاغارد في مؤتمر صحافي أن «التوصل إلى انتعاش مستديم مهمة تزداد تعقيداً»، مركزة كما كان متوقعاً على منطقة اليورو التي تبقى برأيها «مركز» الأزمة. ووسط هذه الدوامة، ستتمكن اليونان من الاستفادة من مهلة إضافية مدتها عامان لتنقية حساباتها العامة، وفق لاغارد، في وقت يجري فيه تطبيق العديد من برامج التقشف في أوروبا. وقالت لاغارد مبررة ذلك: «بدلاً من إجراء خفض مباشر وكبير (للعجز)، من المفضل أحياناً منح مزيد من الوقت». وفي جدولها لاقتصاد العالم، لفتت لاغارد مع ذلك إلى «أنباء جيدة» مصدرها المصارف المركزية، أي البنك المركزي الأوروبي في أوروبا ومجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي والبنك المركزي الياباني، التي وجهت «إشارات إيجابية» مع إجراءات الدعم الجديدة» التي شملت شراء سندات وتليين الإجراءات النقدية. وأضافت لاغارد إن «ذلك ولد اندفاعاً يتعين الاستفادة منه لأن ذلك بحد ذاته ليس كافياً»، داعية الحكومات إلى أن تنوب عن المصارف في أوروبا وإنما كذلك في الولاياتالمتحدة حيث يلوح أفق مأزق مالي من الآن وحتى نهاية العام. وعلى بعد بضع مئات الأمتار من المبنى الفخم الذي يعقد فيه صندوق النقد اجتماعه، اجتمع وزراء المال وحكام المصارف المركزية في الدول الصناعية السبع الكبرى في العالم (الولاياتالمتحدة وفرنسا وألمانيا واليابان وإيطاليا وكندا وبريطانيا) في احد فنادق طوكيو. ولم يختتم هذا الاجتماع غير الرسمي بإصدار أي بيان مشترك، لكن موضوع المباحثات ليس سراً على الإطلاق. فقبيل بدء الاجتماع، قال حاكم البنك المركزي الياباني ماساكي شيراكاوا: «بينما يواجه الاقتصاد العالمي صعوبات، نأمل ببدء محادثات معمقة حول الوضع الحالي للاقتصاد وحول الأخطار التي تلوح في الأفق». ورأى أن اليابان التي تواجه منذ سنوات مديونية قوية مصحوبة بنمو ضئيل «لديها دروس تتقاسمها» مع الدول المتقدمة الأخرى. وعقدت القوى الرئيسية الناشئة المنضوية في إطار «بريكس» (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) قمتها المصغرة غير الرسمية في العاصمة اليابانية التي قصدها أكثر من ألف صحافي أجنبي. وأثناء مؤتمرها الصحافي، اضطرت لاغارد في لحظة ما إلى الابتعاد عن المسائل الاقتصادية الكبرى للتعليق على الحادث الديبلوماسي الصغير الذي وقع في طوكيو. فقد ألغى مسؤولان صينيان كبيران، هما حاكم البنك المركزي الصيني ووزير المال حضورهما في أوج أزمة ديبلوماسية صينية - يابانية على خلفية نزاع حول السيادة على جزر شرق بحر الصين. واعتبرت لاغارد أن الصينيين «هم الخاسرون من عدم مشاركتهم في هذا الاجتماع» وحاولت استخدام روح الفكاهة قائلة «سيخسرون اجتماعاً رائعاً لأن طوكيو في أفضل حالاتها، والألوان جميلة والأشجار ترتدي أبهى ما يمكن تخيله من ألوان». تصنيف إسبانيا وأعلنت مؤسسة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني مساء أول من أمس خفض التصنيف الائتماني لإسبانيا إلى درجة فوق درجة التصنيف العالي الأخطار مباشرة ما يذكي القلق في شأن مدريد لترددها في طلب برنامج إنقاذ دولي شامل. وأكدت أن الحكومة الإسبانية تواجه انكماشاً اقتصادياً وضغوطاً متزايدة على أموالها. وخفضت الوكالة تصنيفها للديون السيادية الإسبانية من BBB+ إلى BBB-، كما حذرت الوكالة من أن تطرأ عمليات تخفيض أخرى على تصنيف الدولة في المستقبل. وتواجه إسبانيا التي شهدت أمس احتجاجات طالبية على خفض الإنفاق الحكومي على التعليم، مستويات مرتفعة من الديون، كما أنها تمثل الدولة الأكثر ارتفاعاً في معدلات البطالة في منطقة اليورو. وكانت الحكومة الإسبانية تبنت إجراءات تقشفية مشددة وزيادات كبيرة في معدلات الضرائب، إلا أن كثيرين يعتقدون أنها لن يكون أمامها إلا أن تسعى للحصول على كفالة إنقاذ مالية. ولفتت وكالة التصنيف إلى أن هذا الخفض «يعكس نظرتنا إلى الأخطار المتزايدة التي تواجه الأموال العامة في إسبانيا، وذلك جراء تزايد الضغوطات الاقتصادية والسياسية». وأضافت الوكالة أن الانكماش الاقتصادي المتزايد يقلل من الخيارات المتاحة في سياسة الحكومة الإسبانية. كشفت الحكومة الإسبانية الشهر الماضي عن موازنتها الأخيرة التي وضعتها لادخار ما يقرب من 13 بليون يورو العام المقبل، وذلك من خلال عمليات استقطاع للأجور في القطاع العام، وقطاعات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية. وجاءت تلك الاستقطاعات لتكون آخر خطوة في سلسلة إجراءات التقشف التي اندلعت بسببها بعض التظاهرات في أنحاء إسبانيا. وعلى رغم تلك الاستقطاعات وارتفاع معدلات الضرائب، والإصلاحات التي شملت سوق العمالة ونظام المعاشات، إلا أن الحكومة الإسبانية صرحت أن مستويات الدين السيادي للدولة سترتفع في العام المقبل إلى أكثر من 90 في المئة من مجموع الناتج الاقتصادي.