اجمع عدد من النواب المنتمين الى الاكثرية والمعارضة على ان جلسة اللجان النيابية المشتركة التي خصصت امس لمتابعة مناقشة مشروع قانون الانتخاب هي الاسوأ في تاريخ اجتماعات اللجان، ولم تنته الى اقرار اي بند من البنود الاصلاحية الواردة في المشروع الذي احالته الحكومة على البرلمان، فيما بقي النقاش محصوراً في البند الثالث المتعلق باقتراع اللبنانيين المقيمين في الخارج، وطار النصاب قبل التصويت عليه. لكن المفاجأة كانت في الموقف الذي سجله وزير الداخلية مروان شربل من خلال المداخلة التي ادلى بها وفيها انه يتبنى المشروع الذي اقرته الحكومة باعتماد النظام النسبي ويتضامن معه الى اقصى الحدود، الا انه يدرك ان «تحقيق التوازن السياسي في البلد وخصوصاً بين «تيار المستقبل» من جهة وبين حركة «امل» و «حزب الله» من جهة ثانية، يقضي باعتماد النظام الاكثري الذي يشكل الضمانة للحفاظ على الاستقرار العام بدءاً بطائفتين كبيرتين في البلد اي السنّة والشيعة». ورأى ان النظام النسبي «قد لا يحقق هذا التوازن من اجل الاستقرار»، وقال انه يبدي وجهة نظره «التي لن تبدل من موقفي المؤيد للنسبية». وأبدى عدد من النواب في الاكثرية استغرابهم لما طرحه الوزير شربل. وسأل بعضهم: كيف يأتي وزير الى هنا يتناقض في موقفه مع مشروع الحكومة ولا يتبناه؟ ورد شربل مؤكداً «التزامي بمشروع الحكومة واستعدادي للدفاع عنه ومن حقي ان أعرض وجهة نظري». وقال ان «المستقبل يمثل اكثر من 65 في المئة من السنة، فيما يمثل تحالف حزب الله وامل نحو 90 في المئة من الشيعة، لكن لا تأثير لهذا الفارق في الانتخابات على اساس النظام الاكثري». وتدخل وزير العدل شكيب قرطباوي وقال: «نحن هنا ملتزمون بالمشروع الذي احالته الحكومة وليس لدينا مشروع آخر». وكانت اللجان التي انعقدت للمرة الرابعة في حضور شربل (يرافقه المدير العام للشؤون السياسية واللاجئين بالتكليف في وزارة الداخلية العميد الياس خوري) وقرطباوي والمدير العام للمغتربين هيثم جمعة، بدأت باقتراح من رئيس الجلسة نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري، بعد مشاورات بينه وبين رئيس المجلس نبيه بري، بتشكيل لجنة فرعية. وسمى مكاري النائب سامي الجميل عن «الكتائب» وجورج عدوان عن «القوات» وسمير الجسر او عاطف مجدلاني عن «المستقبل»، وأكرم شهيب، وهنا قال مروان حمادة: «اكرم يمثلنا ونحن كلقاء ديموقراطي، وجبهة نضال واحد». ثم طرح اسم علي بزي او غازي زعيتر عن «امل» واستقر الرأي على بزي. وطرح آلان عون او ميشال حلو عن تكتل «التغيير والاصلاح»، وعلي فياض عن «حزب الله». الا ان الخلاف بدأ على الرئاسة وتوزيع العدد ودور اللجنة. واعترض الجميل وقال: «توجد لجان مشتركة لماذا اللجنة؟». فتوجه اليه نواف الموسوي (حزب الله) قائلاً: «انا معك قلباً وقالباً». حمادة: «اللجنة ليست مهمتها صياغة المشروع، انما لجنة اتصال وتواصل لتقريب وجهات النظر والمواكبة». وهنا عدل الجميل عن رأيه. وسأل نواب من «8 آذار»: هل شهيب معنا ام مع «14 آذار»؟ ورد مكاري قائلاً: «وسطي». وهنا اختلط الحابل بالنابل، وطلب حزب «البعث» بأن يمثل في اللجنة وكذلك الحزب «القومي». واقترح علي عمار (حزب الله)، عاصم قانصو عن البعث. كما اقترح نواب من 8» آذار» تمثيل الارمن. وطرح نواب انه اذا لم يتم التوافق على شهيب لرئاسة اللجنة، فليكن مكاري بوصفه نائب رئيس المجلس، وهنا توقف كل شيء. وحال فقدان النصاب دون متابعة الجلسة فتقرر رفعها الى الخميس المقبل. وأعلن مكاري انه «ازاء عدم التوصل الى اتفاق بشأن الاسماء علقت اللجان المادتين الاولى والثانية لتتابع المناقشة في سائر المواد القانونية». ولفت الى انه «بعد مناقشة مستفيضة حول المادة الثالثة (اقتراع المغتربين) تم التوافق على الطلب من وزارتي الداخلية والخارجية تزويد اللجان بتقرير حول ما تم انجازه من عمل في ما يتعلق بمسار العملية الانتخابية، وتم التوافق على تزويد اللجان في الجلسة المقبلة بالاسماء التي سيتفق عليها من قبل الافرقاء السياسيين لبت مسألة اللجنة الفرعية». واقترح عدوان ان «المواد التي تتعلق بطبيعة قانون الانتخاب، اذا كان نسبياً او اكثرياً والدوائر، ان نتجاوزها لنذهب الى الاصلاحات، وان تكون هناك لجنة تواصل لترى ان كان يمكن التوصل الى اتفاق نعود بعدها الى اللجان، او العودة الى الهيئة العامة للتصويت». وشدد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» علي فياض، على ضرورة «التركيز على المشروع الانتخابي المحال من الحكومة»، لافتاً الى ان «الحرص على حسن اختيار المسيحيين لنوابهم هو احد المعايير الاساسية التي يحب ان نأخذها في الاعتبار». وقال: «نحن من جهتنا ما يختاره حلفاؤنا في التيار الوطني الحر سنتبناه وما يفصله سنرتديه». وأشار فياض الى ان «بعض اركان المستقبل قال انه يرفض النسبية لاسباب عدة احدها ان هناك تحالفاً شيعياً بين حركة امل وحزب الله»، معتبراً ان «هذا الموقف مستغرب لأن من الغريب ان يُبنى موقف من قانون الانتخاب بالاستناد الى حسابات ظرفية وراهنة»، لافتاً الى «ان رفض النسبية له ارتباط بمخاوف البعض من انكشاف الحجم الفعلي لهذه القوى»، مؤكداً اهمية النظام النسبي. وأكد فياض «حق المغتربين بالاقتراع ولكن دعونا لاحترام الدستور وبالتالي فإن الدول التي تقوم بتصنيف اللبنانيين سياسياً ومنع قوى سياسية لبنانية من ممارسة حقها السياسي او الدعائي يجب اتخاذ اجراءات في شأن العملية الانتخابية فيها». وتمنى الجميل ان «يقترح اللبنانيون من يمثلهم من خلال قانون انتخابي جديد هم من يضعونه بأيديهم، وان تبقى المناقشات من ضمن إطار اللجان المشتركة بمشاركة جميع اللبنانيين لا أن نعود الى منطق الطبخات، كأن يجتمع ثلاثة او اربعة نواب كل بحسب التوجهات الإقليمية او الدولية فيركبوا لنا قانوناً معلباً... هذا الأمر نرفضه، ونؤكد ضرورة قانون صنع في مجلس النواب ومن قبل اللبنانيين لا ان يأتينا قانون يهبط علينا بالباراشوت». حرمان المغتربين... وأعلن النائب بطرس حرب انه «ثبت لنا بنتيحة النقاشات التي دارت في جلسة اليوم، أنّ هناك توجهاً لدى القسم الفاعل من قوى 8 آذار إلى حرمان المغتربين اللبنانيين المقيمين في الخارج من حقّهم بالانتخاب، والمداولات التي حصلت من قبل حزب الله وبعض حلفائه ومن قبل ممثّل وزير الخارجية في جلسة اليوم، دلّت على أنّ هذه القوى ليست متحمّسة لانتخاب اللبنانيين المقيمين خارج لبنان».