عثر الروبوت «كوريوزيتي» الذي حطّ على سطح المريخ قبل 6 أسابيع، على حجارة وحصى يبدو أنها تجمعت بفعل مرور جدول ماء، وهو ما يعزز الفرضية القائلة بأن الكوكب الاحمر شهد حياة مائية في غابر الزمان. وسبق أن عثر العلماء على مؤشرات تدل على وجود سابق للمياه على المريخ، لكنها «المرة الاولى التي يعثر فيها على ترسبات ناتجة عن جريان الماء»، وفق وليام ديتريش من جامعة كاليفورنيا، وهو أحد العلماء المشرفين في المهمة. فقبل سنوات طويلة، أظهرت صور التقطتها اقمار صناعية وجود قنوات على سطح المريخ، قال العلماء انها ناجمة عن جريان الماء. وتظهر الصور التي نقلها «كوريوزيتي» حجارة وحصى وتراباً ملتصقة، في طبقة صخرية تبلغ سماكتها بين 10 و15 سنتيمتراً، وتعود ربما الى «عدة مليارات من السنين»، كما أفاد ديتريش. وأوضح أن الجداول على سطح المريخ، قد تكون وجدت قبل «آلاف السنين وربما قبل ملايين السنين». وتتراوح أحجام الحصى بين حبة تراب وكرة غولف، وهي تعطي فكرة عن سرعة جريان الجدول وطوله. ويقول ديتريش: «انطلاقاً من أحجام هذه الحجارة والحصى، يمكن أن نستخلص أن المياه كانت تجري بسرعة 0.91 متر في الثانية»، مع عمق يصل الى المتر تقريباً. وقالت الباحثة في معهد «بلانيتاري ساينس» في توسون في أريزونا، العاملة ضمن فريق «كوريوزيتي»، إن «أشكال هذه الحجارة تكشف انها أتت الى هذا المكان من مكان آخر، وأحجامها تؤكد أن ما نقلها من مكانها ليس الرياح، بل جريان الماء». ويشير الشكل الكروي لبعض هذه الاحجار الى انها تدحرجت لمسافات طويلة من أعلى الحوض حيث توجد قناة «بيس فاليس» التي تصب في تدفق الطمي. وتشير وفرة الجداول وقنوات المياه في هذا الحوض، الى ان تدفقات المياه لم تكن حدثاً عرضياً على سطح المريخ، بل كانت متواصلة ومتكررة على حقبة طويلة من الزمن. ويعتقد العلماء أن الموقع القاحل الذي حط فيه «كورويوزيتي» على سطح المريخ والذي تحرك فيه في الاسابيع الماضية، كان في سالف الأزمان حوضاً غنياً بالجداول والانهار. ويمكن العلماء أن يستخدموا التقنيات التي زُوّد بها الروبوت لتحديد التركيب الكيميائي لهذه الطبقة الصخرية التي يمكن أن تكشف المزيد من الخصائص للبيئة الرطبة التي تشكلت فيها هذه الترسبات. ويستخدم في تحليل الحجارة الكاميرا «مارس هاند لينس ايمجرز»، وجهاز قياس الطيف، الذي يتيح تحديد التركيب الكيماوي للصخور. والكاميرا وجهاز الطيف هما في طرف ذراع الروبوت المزود أيضاً بجهاز أشعة لايزر قادر على تحديد الاهداف على بعد سبعة امتار. وجرى هذا الاكتشاف في منطقة الى الشمال من فوهة غالي الواقعة على خط الاستواء في المريخ، وعلى سفح جبل شارب الذي يصل ارتفاع قممه الى خمسة آلاف متر. وكان «كوريوزيتي» التقط مطلع الاسبوع الحالي اول حجر صخري وباشر بدرسه. واستأنف طريقه باتجاه منطقة غلينيلغ المهمة جيولوجياً، اذ تتقاطع فيها ثلاثة انواع من التربة. وتأمل وكالة الفضاء الاميركية ناسا بالعثور في تلك المنطقة على حجارة ينطوي تحليلها على كشوفات هامة، وهي تعتزم القيام هناك بأعمال حفر على سطح المريخ.