كثيراً ما نسمع أن الشعب السوري إنما يدفع اليوم ثمن «أخطاء» ارتكبتها دول أجنبية ولا علاقة له بتلك الأخطاء لا من قريب ولا من بعيد، في حين تصر هذه الدول على تصحيح أخطائها على حسابه ومن دمائه. فبالنسبة الى الدول التي تقف مع النظام السوري ،»قاتل شعبه»، نرى أن روسيا ترفض التخلي عنه لأنها، كما تقول، تعلمت من «الدرس الليبي» أخيراً، وأيضاً «الدرس الصربي» قبله، وهي لا تفضل هنا سوى «الدرس اليمني». في حين أن إيران تقوم بالشيء نفسه، لأنها، كما تقول، تعلمت من «الدرس البحريني»، وإسرائيل تعلمت من «الدرس المصري» وكذلك من «الدرس الغزاوي». أما الصين فهي تشعر أنها لا تريد إعادة «الدرس الكوري» ولا «الدرس التايواني». الجزائر بدورها لا تريد التخلي عن النظام لأنها تعلمت من «الدرس الصحراوي»، أما العراق فلا يمكنه تجاهل «الدرس الإيراني» ولا نسيان «الدرس الكويتي». هذه هي مواقف الدول الداعمة للنظام السوري، أما الدول المعادية له (ظاهرياً على الأقل) فحججها لا تختلف كثيراً. فأميركا لا تريد تسليح «الجيش الحر» بأسلحة نوعية لأنها تعلمت في الماضي من «الدرس الأفغاني»، ولا تريد إسقاط مؤسسات الدولة لأنها تعلمت من «الدرس العراقي»، ولا تريد التدخل العسكري المباشر لأنها تعلمت من «الدرس الصومالي». فرنسا بدورها لا تريد زيادة الضغط لأنها تعلمت من «الدرس اللبناني»، وتركيا لا تريد أن تتدخل وحدها لأنها تعلمت هي أيضاً من «الدرس الكردي». والأمم المتحدة تريد أن تفعل شيئاً حتى لا يتكرر «الدرسان الراوندي والصربي»، لكنها عاجزة وتتفهم «درس الاختلاف الدولي». الدابي انسحب لأنه تعلم من «الدرس السوداني» في دارفور، وكوفي أنان استقال لأنه فهم أخيراً «درس الدابي»، أما الأخضر الابراهيمي فسيستقيل لاحقاً بعد أن يستوعب «درسي الدابي وأنان». السؤال هنا: هل بقي أحد لم «يفهم» أو «يتعلم» دروسه على حسابنا؟ لن أستغرب إن خرج رئيس وزراء إيطاليا قريباً من روما ليصرح بأن بلاده لا يمكنها دعم الثورة السورية لأنه تعلم من «درس ثورة سبارتكوس» التي نشبت عام 73 قبل الميلاد! أو أن تصرح حكومة «القمر» بأنها لن تتدخل في الشأن السوري لأنها تعلمت من «درس المريخ»! الحقيقة التي لا يريد الجميع الإقرار بها أنهم قد فهموا «الدرس الإسرائيلي» الذي مازال ومنذ أكثر من أربعة عقود يقول إن التدخل في «الشأن السوري» هو تدخل في «الشأن الإسرائيلي» الداخلي. لا شك في أن الشعب السوري أيضاً قد فهم معنى تلك «الدروس»، وحين تنتصر ثورته، فهو سيعيد تقويم علاقاته الدولية على ضوئها لأنه «تعلم» منها الكثير وبات «يفهم» من هو صديقه ومن هو عدوه. ولا شك سيأتي قريباً يوم يقول فيه العالم إنه تعلم من «الدرس السوري».