«لو انضم مقاتل جديد إلى جبهة القتال لكان ذلك أكثر فائدة» بهذه الكلمات القلائل يختصر المقاتل السوري المعارض عبدالله شعور اللامبالاة الذي يخالج الكثيرين من أمثاله من المقاتلين الميدانيين بإعلان قادة الجيش السوري الحر في الخارج عودتهم إلى «المناطق المحررة». ويضيف الناطق باسم لواء التوحيد، التنظيم الأقوى بين قوات المعارضة في حلب، أن «المقاتلين على الأرض يساوون اكثر بكثير من أناس يجلسون خلف مكاتب خارج سورية منذ عام ونصف العام». وبالنسبة لمقاتلي المعارضة الذين يخوضون منذ اكثر من شهرين معارك ضارية مع قوات الرئيس بشار الأسد في حلب (شمال)، ثاني كبرى مدن البلاد وعاصمتها الاقتصادية، فإن الكلمة الأولى والأخيرة هي للميدان، ففي ارض المعركة تتخذ القرارات وإليها يجب أن يذهب الرجال. وكان الجيش السوري الحر، الذي تشكل من جنود انشقوا عن النظام ومدنيين انضموا اليهم في حمل السلاح ضد قوات الرئيس الأسد، اعلن انه قرر نقل قيادته من تركيا المجاورة إلى سورية، في خبر «زفه» قائده العقيد رياض الأسعد للمقاتلين في الداخل لكن هؤلاء قلما اكترثوا به لا سيما وأنهم في قتالهم اليومي شبه منفصلين بالكامل عن هذه القيادة. ويقول أبو سومر قائد «تجمع كتائب أحفاد الرسول» إن مقاتليه يقاتلون على ثلاث جبهات في حيي صلاح الدين وسيف الدولة اللذين يشهدان أعنف المعارك، وقرار انتقال قيادة الجيش الحر إلى «المناطق المحررة» لا يغير في الأمر شيئاً. ويضيف «الاستراتيجية يقررها الناس الموجودون في ارض المعركة». وفي المدينة التي تشهد منذ 20 تموز (يوليو) معارك ضارية وقصفاً جوياً وبرياً مدمراً، انشأ المقاتلون غرفة عمليات على المستوى المحلي ومجلساً أشبه برئاسة أركان محلية يعقد فيه قادة الكتائب المقاتلة اجتماعات دورية. ويتابع أبو سومر «نحن لا نتبع أي تيار سياسي أو ديني. لا الإخوان المسلمين ولا القاعدة ولا أي حركة خارجية، نحن الجيش الحر في ارض الميدان». ويؤكد القيادي العسكري أن الأوامر يتخذها خلال اجتماعات يعقدها مع بقية الكتائب المقاتلة في المدينة وبالتشاور مع المجلس العسكري الثوري في حلب الذي رأى النور مؤخراً. ويوضح أبو سومر انه يتشاطر وباقي قادة الكتائب هدفاً أوحد هو «إسقاط بشار الأسد بأسرع وقت ممكن»، ولذلك فهو يناشد كل القادة العسكريين المنشقين الذين ما زالوا في الخارج، ولا سيما في تركيا، العودة إلى سورية و»النزول إلى ارض المعركة». أما أبو رياض فيقول انه علم بقرار عودة قادة الجيش الحر عبر نشرات الأخبار. ويوضح الضابط المنشق الذي يقود كتيبة مقاتلة في مدينة حلب القديمة انه كان يشاهد السبت نشرة الأخبار على التلفزيون حين بث شريط فيديو لرياض الأسعد يعلن فيه هذا القرار. وقال الأسعد في الشريط الذي بث أولاً على موقع يوتيوب «نزف لكم خبر دخول قيادة الجيش الحر إلى المناطق المحررة بعد أن نجحت الترتيبات ... في تأمين المناطق المحررة لبدء خطة تحرير دمشق قريباً». ولكن أبو رياض لا يخفي غضبه من عدم وجود «هيكلية عسكرية حقيقية» لدى المعارضة السورية على مستوى البلاد بأكملها، مشدداً في الوقت عينه على أن هؤلاء القادة المنشقين الذين أعلنت عودتهم إلى البلاد يفتقرون إلى «الخبرة الميدانية» التي باتت لدى المقاتلين سواء كانوا من المنشقين أو المدنيين الذين يقاتلون إلى جانبهم. ولم يخف العديد من قياديي الكتائب المقاتلة في سورية وجود «محسوبيات» لدى قيادة الجيش السوري الحر. ويقول هؤلاء ل «وكالة فرانس» برس طالبين عدم ذكر أسمائهم إن توزيع الأموال على المقاتلين المعارضين يطرح علامات استفهام كثيرة، لا سيما في الوقت الذي يؤكد قادة الكتائب في حلب عدم وجود ما يكفي من الأموال لديهم لشراء الذخيرة.