تتجه دول مجلس التعاون الخليجي، إلى فرض ضريبة انتقائية على التبغ ومشتقاته المستوردة والمنتجة محلياً، في خطوة على ما يبدو للحد من معدلات التدخين التي تصل إلى 40 في المئة من عدد السكان البالغين في دول الخليج الست. والزيادة المقترحة على الضريبة ترفعها إلى 200 في المئة، لكن التوجه العام لهذه الدول يبلغ نحو 150 في المئة فقط. وأكدت المصادر ان دول المجلس ستعمد الى رفع الضرائب تدريجاً بدءاً من 100 في المئة. ولم تنكر المصادر وجود تحديات تواجه هذا القرار، أهمها نسبة الضريبة، لأن التزامات التجارة الحرة التي وقعتها دول في المنطقة منفردة مع عدد من الدول، تشكل تحدياً أمام فرض نسبة مرتفعة من الضرائب، علماً أن أسعار التبغ في دول الخليج حالياً هي الأدنى. وأشارت هذه المصادر، إلى أن وزراء مال دول مجلس التعاون سيتابعون هذا الملف خلال اجتماعهم الشهر المقبل، للبحث في التحديات التي تواجه تطبيق فرض الضريبة. وعلى رغم موافقة هذه الدول على الإجراء «من حيث المبدأ» منتصف هذه السنة، استبعدت المصادر تطبيقها قبل بدء عمل الاتحاد الجمركي الخليجي مطلع عام 2015. وباشر بعض دول المنطقة منذ نحو سنتين حظر التدخين في الأماكن العامة والفنادق والمطاعم ومراكز التسوق وأثناء قيادة السيارات، على رغم محاولة شركات إنتاج التبغ العالمية والوكلاء إقناعها بالعدول عن هذه الخطوة. وكانت منظمة الصحة العالمية، دعت إلى ضرورة رفع أسعار منتجات التبغ، من خلال تعديل الضرائب وزيادتها، وفرض ضرائب إضافية على أرباح شركات التبغ، ومنع الترويج للتبغ، وإنهاء دعمه، وامتناع صندوق النقد والبنك الدوليين عن تمويل أي مشروع يتعلق بزراعته أو تصنيعه. وقدّر البنك الدولي أن التبغ يستنزف نحو 800 مليون دولار سنوياً من اقتصاد دول مجلس التعاون، ونحو 200 بليون دولار سنوياً من الاقتصاد العالمي، وهو رقم قياسي لمنتج يسبب مزيداً من المآسي والأمراض. ففي السعودية مثلاً، التي تعد رابع دولة في استيراد السجائر في العالم، تستهلك سوقها المحلية أكثر من 15 بليون سيجارة سنوياً. وأكدت دراسة لمؤسسة «يوغوف»، أن ثلث سكان الإمارات يدخنون، فيما قدّر خبراء أن 18 في المئة من البالغين في الكويت يدخنون. وأعلن مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون في تقرير، أن «مكافحة التدخين يأتي على رأس أولويات المجلس، ومن أكثر المواضيع المعروضة على المؤتمرات المتعاقبة في المنطقة، وحظيت بأكثر من 40 قراراً». ولا شك في أن «مكافحة التبغ تهم دول المجلس، وتدل على ذلك الإجراءات والنشاطات التي تعقد في هذا المجال، من ورش عمل ومؤتمرات وندوات واحتفال باليوم العالمي للتبغ وتنفيذ التوصيات الصادرة». ويسعى مجلس التعاون الخليجي، إلى وضع التدابير اللازمة لمنع تهريب التبغ ومشتقاته إلى دول المجلس بعد تطبيق الضريبة الجديدة، من خلال إحكام الرقابة على عمليات التخليص الجمركي على إرساليات التبغ الواردة لدول المجلس، أو العابرة منها إلى الدول المجاورة، على أن تراجع لجنة التعاون المالي والاقتصادي، فرض هذه الضريبة على التبغ ومشتقاته بعد مضي ثلاث سنوات على تطبيقها للنظر فيها مجدداً. وأثار هذا التوجه شركات التبغ في دول مجلس التعاون الخليجي، التي باتت تعمل في الخفاء لإقناع بعض دول المنطقة بعدم اتخاذ هذه الخطوة، على اعتبار أن الزيادات المفاجئة والحادّة على رسوم منتجات التبغ سيحدث صدمة في الأسعار وزعزعة السوق القانونية، ما سيؤدي بدوره إلى تعزيز التجارة غير المشروعة. وكان صندوق النقد الدولي أوصى في تقرير حديث، بتبني الزيادات الضريبية تدريجاً، خلال فترة زمنية لا تقل عن ثلاثة أعوام خصوصاً على الجمارك المفروضة على بعض المنتجات مثل التبغ. وأظهرت تجارب الدول المجاورة، مثل الأردن ارتفاع معدلات التجارة غير المشروعة خلال فترة بسيطة من الزمن بعد تطبيق السياسات الضريبية الصارمة. وأكدت مصادر من القطاع، أن أكثر من 10 في المئة من السجائر المستهلكة في دول مجلس التعاون الخليجي، استُوردت في شكل غير مشروع على شكل منتجات مزيفة وأخرى أصلية، ما يكلف الحكومات الخليجية خسائر في عائدات الضرائب تصل إلى ملايين الدولارات. وكان البنك الدولي أشار إلى أن احتمال تهريب منتجات التبغ «ربما يحد من زيادة الضرائب المفروضة عليه. لذا، يجب عند تحديد الضرائب مراعاة أخطار التهريب والقوة الشرائية للمستهلكين المحليين والمعدلات الضريبية المفروضة في الأسواق المجاورة.