وقعت الصين اتفاقاً أمنياً وعدداً من الاتفاقات الاقتصادية مع أفغانستان خلال زيارة نادرة لكابول قام بها مسؤول بارز للمرة الأولى من نوعها منذ نصف قرن. وتهدف هذه الاتفاقات إلى دعم نفوذ بكين في أفغانستان قبل انسحاب معظم القوات القتالية التابعة لحلف شمال الأطلسي بحلول عام 2014. وقام تشو يونغ كانغ المسؤول الأول عن الأمن الداخلي وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الحاكم في الصين بزيارته التي لم يعلن عنها مسبقاً للعاصمة الأفغانية مساء السبت وأجرى محادثات مع الرئيس الأفغاني حميد كارزاي في حديقة القصر الرئاسي. وزيارة تشو هي الأولى التي يقوم بها مسؤول صيني رفيع إلى أفغانستان منذ عام 1966 وتأتي بعد زيارة قام بها كارزاي إلى بكين في حزيران (يونيو) الماضي، حيث اتفق البلدان على التعاون في التصدي للتطرف في المنطقة. وخلال المحادثات التي عقدت في ظل حراسة أمنية مشددة بعد احتجاجات عنيفة شهدتها كابول بسبب فيلم مسيء للإسلام وقع تشو اتفاقات بشأن زيادة التعاون الأمني والاقتصادي بما في ذلك اتفاق للمساعدة في «تدريب وتمويل وتجهيز الشرطة الأفغانية». ولم يحدد الاتفاق حجم المساعدة التي تنوي الصين تقديمها للشرطة الأفغانية التي تضم 149 ألف فرد والتي يقوم التحالف الذي يقوده حلف شمال الأطلسي بتدريبها في الوقت الحالي. وقال تشو في بيان نقلته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا): «هذا يتماشى مع المصالح الأساسية لشعبي الصين وأفغانستان لتقوية الشراكة الاستراتيجية والتعاون المفيد أيضاً للسلام والاستقرار والتنمية في المنطقة». وتسعى الصين النهمة للموارد والتي تتصل بحدود قصيرة مع أفغانستان من ناحية الشمال الشرقي الجبلي إلى الاستثمار في مخزونات الموارد الأفغانية التي تصل قيمتها إلى نحو تريليون دولار بناء على تقديرات وزارة الدفاع الأميركية. وتدير المجموعة الصينية للتعدين التي تملكها الدولة عملية بحجم ثلاثة بلايين دولار في منجم أيناك للنحاس في إقليم لوغار الشرقي الذي شهد هجمات صاروخية وغيرها من الهجمات التي قامت بها جماعات متمردة تستهدف عرقلة عمليات الإنتاج. وفازت المجموعة الصينية للتعدين بعقد تطوير منجم «أيناك» في 2008. وكان من المقرر أن تبدأ الإنتاج في 2013 لكن العمل تأجل بعد اكتشاف موقع اثري مهم وضخم في المنطقة. وتسلط زيارة تشو الضوء على مخاوف بكين بشأن تدهور الأمن مع تراجع قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان. كما تأتي بعد أن عبر كارزاي الأسبوع الماضي عن قلقه بشأن الاتفاقات الاستراتيجية الموقعة مع الولاياتالمتحدة في وقت سابق من هذا العام قبل محادثات تبدأ خلال ثلاثة أسابيع بشأن استمرار الوجود الأميركي في أفغانستان بعد عام 2014. وكان من المقرر أن يتوجه تشو في الأصل إلى تركمانستان بعد زيارة إلى سنغافورة لكنه توجه إلى أفغانستان لعقد الاجتماع مع كارزاي. وأوردت «شينخوا» أن تشو ابلغ كارزاي بأن الحكومة الصينية تحترم تماماً حق الشعب الأفغاني في اختيار مسار التنمية الخاص به وأنها ستشارك بقوة في إعادة إعمار أفغانستان. وقال الناطق باسم الرئاسة الأفغانية ايمل فيضي إن البلدين اتفقا على توسيع علاقاتهما المحدودة، ونقل عن كارزاي قوله إن الأمن في المنطقة «يعتمد على العلاقات بين أفغانستان وجيرانها». عنف على صعيد آخر، أعلنت وزارة الداخلية الأفغانية امس، عن مقتل 16 مسلحاً من حركة «طالبان»، واعتقال 24 آخرين بعمليات مشتركة نفذتها القوات الوطنية والقوة الدولية للمساعدة في إحلال الأمن في أفغانستان (إيساف) خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة في ولايات أفغانية مختلفة. ونقلت وكالة أنباء «بوخدي» الأفغانية عن بيان للوزارة، أن الشرطة الوطنية الأفغانية نفذت بمساندة «إيساف»، عمليات في ولايات فرياب وزابول ولوغار ووردك وغازني وبكتيا وهلمند. وأضافت أن قوات التحالف تمكّنت من قتل 16 مسلحاً واعتقال 24 آخرين، في العمليات التي جرت خلال الساعات ال 24 الأخيرة. ولم تتحدث الوزارة عن وقوع أي خسائر في صفوف القوات المنفّذة للعمليات.