حددت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ في مصر برئاسة المستشار انتصار نسيم، الثالث والعشرين من الشهر الجاري موعداً لأولى جلسات النظر في قضية الخلية التابعة ل «حزب الله» اللبناني التي أعلن تفكيكها في نيسان (أبريل) الماضي واتهمت بالتخطيط لاعتداءات إرهابية ضد سياح أجانب وسفن في قناة السويس.وأوضحت مصادر مصرية مطلعة ل «الحياة» أن «المحكمة تسلمت بالفعل ملف القضية المكون من نحو ألفي ورقة، تشمل محاضر تحريات جهاز أمن الدولة وتقارير المعمل الجنائي الخاص بالمضبوطات، وتقرير الطب الشرعي الخاص بالكشف على المتهمين، إضافة إلى اعترافات المتهمين، وشهادات شهود الضبط». وأحال النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود في 26 تموز (يوليو) الماضي ملفات 26 متهماً في القضية التي أثارت جدلاً إعلامياً كبيراً على مدى أربعة شهور، على محكمة أمن الدولة العليا طوارئ. وبحسب أمر الإحالة الذي أعده المحامي العام الأول لنيابات أمن الدولة المستشار هشام بدوي، فإن «المتهمين قاموا خلال الفترة من عام 2005 وحتى تشرين الثاني (نوفمبر) 2008 بالتخابر لحساب جهة أجنبية (حزب الله) بهدف القيام بأعمال عدائية في العمق المصري، وتعاونوا على رصد السفن والبواخر العابرة للممر الملاحي لقناة السويس والسياح الوافدين على منتجعات جنوبسيناء تمهيداً لاستهدافها». وشمل أمر الإحالة الذي اطلعت «الحياة» على نسخة منه، اعترافات عناصر الخلية التي أدلوا بها خلال تحقيقات نيابة أمن الدولة معهم، إذ اعترف المتهم اللبناني محمد يوسف منصور الشهير ب «سامي شهاب» بانضمامه إلى «حزب الله» منذ عام 1986، «وأنه تلقى تدريبات عسكرية على استعمال الأسلحة بمختلف أنواعها، وفي عام 1992، التقى بفصائل الاستطلاع التابعة للحزب، حيث تلقى تدريبات على أعمال الاستخبارات، قبل إعفائه من العمل الميداني في عام 2004 نظراً إلى إصابته بمرض في القلب». وأفادت الاعترافات أنه «التحق إثر ذلك بالوحدة الرقم 1800 في حزب الله، وتلقى فيها تدريبات على جمع المعلومات وإعداد التقارير والرصد والمراقبة، وكُلف في عام 2005 من قيادة حزب الله بالتحرك داخل مصر تنفيذاً لتوجيهات الحزب وبغرض متابعة العناصر التي سبق للمتهم الرئيس في القضية اللبناني محمد قبلان تجنيدها داخل البلاد، إلى جانب استقطاب عناصر جديدة وتدريبهم على أعمال القتال». ووصل منصور إلى مصر «بجواز سفر يحمل اسم جمال هاني حلاوي، وبصحبته محمد قبلان الذي كان يحمل جواز سفر باسم حسان الغول، وعقب وصولهما، التقيا العناصر التي سبق تجنيدها، وكلف قبلان تلك العناصر بتدبير مفرقعات وأسلحة نارية وكمية من الصواريخ من خلال الاستعانة ببعض العناصر من بدو سيناء العاملين في مجال التهريب، فضلاً عن تكليفهم بإقامة بعض المشاريع التجارية كساتر لنشاطهم، وشراء سيارات لتسهيل تحركاتهم، والسفر إلى لبنان عبر الحدود السورية لتلقي دورات تدريبية في علوم الاستطلاع بما يخدم أهداف الخلية». وبين تكليفات قبلان لأعضاء الخلية بحسب أمر الإحالة، «شراء قطعة أرض في مدينة رفح المصرية لاستخدامها في حفر نفق تجاه الحدود المصرية - الفلسطينية، وجمع معلومات عن القرى السياحية والطرق المؤدية إلى الحدود الشرقية للبلاد، ورصد السياح الأجانب المترددين على منطقتي الترابين ورأس شيطان في مدينة نويبع، تمهيداً لاستهدافهما، وجمع المعلومات عن كيفية دخول السياح الأجانب مدينة طابا واستئجار عقار في مدينة فايد في الإسماعيلية لرصد السفن العابرة في قناة السويس، وتم تنفيذ جميع تلك التكليفات». واعترف المتهم الفلسطيني ناصر خليل أبو عمرة في التحقيقات بأنه التقى والمتهم الفلسطيني نمر فهمي الطويل، اللبناني قبلان الذي كلفهما «بضم عناصر جديدة والبحث عن مصادر شراء الأسلحة النارية والمفرقعات، ولقنهما دورتين تدريبيتين، الأولى في مجال كشف المراقبات الأمنية أثناء اللقاءات والاتصال، والثانية في مجال تشفير الرسائل وكيفية إرسالها واستقبالها بين المتهمين عبر البريد الإلكتروني». وأشار إلى أنه «تسلم 25 ألف جنيه مصري لشراء منزل في مدينة رفح، وهو الأمر الذي تم بالفعل، إذ اشترى منزلاً قرب المنطقة الحدودية، في ضوء تكليف قبلان الذي كلفهم بشراء شاحنة نصف نقل تم تسديد ثمنها بالكامل، لاستخدامها في حصر الطريق الفرعية التي تربط بين مدينتي رفح والعريش». وأوضح أن قبلان «كلف بعض العناصر بتدبير مئتي كيلو جرام من مادة تي إن تي شديدة الانفجار، وصواعق تفجير، وأسلحة، وأمدهم بالمبالغ اللازمة لذلك، واستطاع المتهم سالم حمدان تدبير 50 كيلوغراماً من مادة تي إن تي و20 صاعقاً تم استخدامها في تصنيع العبوات المفرقعة». ورصدت التحريرات «ورود 8 تحويلات مالية نقدية من لبنان ب 2550 دولاراً جاءت باسم المتهم المصري إيهاب السيد موسى الذي تسلمها بنفسه، كما وردت للمتهم حسن المناخلي 5 تحويلات نقدية من لبنان ب 1790 دولاراً تسلمها أيضاً بنفسه». وفي المقابل، أكد ل «الحياة» منسق هيئة الدفاع عن المتهمين محامي «الإخوان المسلمين» عبدالمنعم عبدالمقصود «وجود عدد من المخالفات التي ارتكبت في إجراءات الضبط والتحقيق تصب في مصلحة المتهمين». لكنه لم يكشفها، مكتفياً بالقول إن «الوقت مازال مبكراً للحديث عن السندات القانونية التي سيتركز دفاعنا عليها». وأشار إلى أن «هيئة الدفاع ستعقد اجتماعاً بعد الحصول على نسخة من أوراق القضية لدرس الجوانب القانونية التي سيركز عليها الدفاع، إضافة إلى التنسيق والتعاون بين المحامين في مرافعاتهم عن موكليهم، ليصب الأمر في النهاية لما فيه مصلحة المتهمين». وأوضح أن «هيئة الدفاع لم تطلع حتى الآن على أوراق القضية وتقارير المعمل الجنائي الخاصة بالمضبوطات ولا على محاضر التحريات رغم مخالفة ذلك للقانون... كل ما كان يحدث أننا حضرنا التحقيقات ومواجهة النيابة للمتهمين بالتهم المنسوبة إليهم والمضبوطات». وتوقع «إرجاء القضية في أولى جلسات المحاكمة لمزيد من الاطلاع على الأوراق».