القدس المحتلة - أ ف ب - في تحد جديد للمجتمع الدولي وقوانينه، واصلت اسرائيل سياسة الاستيطان في القدسالشرقية وعمدت صباح امس الى طرد عائلتين فلسطينيتين من منزلين في حي الشيخ جراح العربي في القدسالشرقية، ما أثار مجدداً ردود فعل دولية منددة.وقال ماهر حنون بعد ان طرد من منزله في حي الشيخ جراح: «ولدت في هذا المنزل وأولادي ايضاً، وكنت اقيم في شكل قانوني، والآن اصبحنا في الشارع عبارة عن لاجئين». ويعتبر حي الشيخ جراح من اهم احياء القدسالشرقية التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وضمتها، وفيه مقر قنصليات دول عدة (فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا والسويد) في فيلات تحيط بها حدائق. وبينما كان عدد من المستوطنين ينقلون اغراض العائلتين المطرودتين بعلب كرتون الى شاحنة كبيرة، كان آخرون يسارعون الى وضع اليد على المنزلين وبدء الإصلاحات فيهما. وشوهدت تعزيزات من عناصر شرطة مكافحة الشغب امام احد المنزلين في شارع عثمان بن عفان، كما انتشرت عناصر من «حرس الحدود» الى جانب سيارة اسعاف لمواجهة اي تظاهرات او اعمال عنف. و فعلاً تجمع عشرات المتظاهرين امام المكان، وحصل تدافع بينهم وبين عناصر قوات الأمن الإسرائيلية ادى الى اعتقال نحو عشرة اشخاص. «صكوك ملكية مزورة» من جهتها، قالت أمل قاسم التي تسكن الى جانب احد المنزلين المصادرين: «نحن ايضاً نخشى الطرد. نقيم هنا منذ عام 1956 بموجب اتفاق تم التوصل اليه بين السلطات الأردنية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا)». وأضافت «ان صكوك الملكية التي يبرزها المستوطنون مزورة». ونفذ امر طرد سكان المنزلين الفلسطينيين والبالغ عددهم 53 شخصاً، بعد رفض المحكمة العليا الإسرائيلية طلب استئناف تقدمت به عائلتا الغاوي وحنون لوقف تنفيذه. وتقدمت بطلب الطرد الى المحكمة منظمة خاصة بالمستوطنين تدعى «نحالات شيمون انترناشونال». ويمول هذا المشروع رجل الأعمال الأميركي اليهودي ايرفينغ موسكوفيتز الذي يمول خصوصاً منظمة «عطريت كوهانيم» التي تريد «تهويد» الشطر العربي للقدس. وعلق كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بالقول ان «اسرائيل تتجاهل القانون الدولي وحقوق الإنسان، ويقوم المستوطنون باحتلال منازل تخص فلسطينيين»، مشيراً الى وجود 19 طفلاً بين السكان المطرودين. من جهته، قال المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام ريتشارد مايرون في بيان: «نأسف كثيراً لهذه الأعمال غير المقبولة التي تقوم بها اسرائيل عبر اقتلاع فلسطينيين مسجلين لدى اونروا في الشيخ جراح من منازلهم». كما نددت «اونروا» في بيان بهذا «القرار غير المقبول والمؤسف الذي ستكون له تداعيات كارثية». من جهتها، دانت القنصلية البريطانية في القدسالشرقية في بيان طرد العائلتين، وقالت: «نشعر بالاستياء من هذا الطرد. الحجة الإسرائيلية التي تقول ان فرض توطين مستوطنين متطرفين في حي عربي قديم يعود الى المحاكم (الإسرائيلية) او البلدية، مرفوضة». وأكدت ان «هذه الأعمال لا تتناسب مع الرغبة في السلام التي تعبر عنها اسرائيل. ندعو اسرائيل الى عدم السماح للمتطرفين بفرض مواقفهم». ويأتي هذا الإجراء رغم قيام الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا منتصف تموز (يوليو) الماضي بإدانة مشروع بناء نحو 20 مسكناً للإسرائيليين في حي الشيخ جراح. وتم استدعاء السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل اورن الى وزارة الخارجية للبحث في هذه المسألة. وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو علق على المواقف الغربية المنددة بسياسة الاستيطان بالقول: «لن نقبل بأن يمنع يهود من حق العيش والبناء في اي مكان يريدونه في القدسالشرقية». ويعيش حالياً نحو مئتي الف اسرائيلي في 12 حياً استيطانيا في القدسالشرقية الى جانب 270 الف فلسطيني. توضيحات من لندن من جهة اخرى، اعلن مسؤول اسرائيلي امس ان اسرائيل طلبت من لندن «توضيحات» عن تصريح ادلى به ديبلوماسي بريطاني اعلن فيه ان بلاده تمول مشاريع عقارية فلسطينية في القدسالشرقية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ايغال بالمور: «طلبنا توضيحات من السفارة البريطانية في تل أبيب تتعلق بتصريح ادلى به الديبلوماسي البريطاني مارتن داي الذي يتخذ من ابو ظبي مقراً له، في 22 تموز (يوليو) الماضي عبر شاشة قناة العربية». وأضاف: «من الغريب ان يقوم بلد ديموقراطي بتمويل نشاطات سياسية في بلد آخر ديموقراطي، ونحن بانتظار جواب المسؤولين البريطانيين». وبحسب الترجمة التي قدمتها وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإن الديبلوماسي البريطاني قال خلال المقابلة: «نتكلم عن اجراءات ملموسة تمهيداً لتجميد النشاطات الاستيطانية. نحن نمول مشاريع الهدف منها وقف نشاطات الاستيطان. وأحد هذه المشاريع يقضي ببناء حي فلسطيني في القدسالشرقية وحماية المنازل الفلسطينية من الهدم. كما اننا نمول ايضاً منظمات تراقب النشاطات الاستيطانية». من جهته، قال مسؤول اسرائيلي رفيع انه «من غير المقبول ان تقوم حكومة وليس منظمات او شخصيات بتقديم مساعدات مالية الى مشاريع عقارية من هذا النوع». وأضاف ان ما يزيد من «القلق» ازاء تصريحات داي انه يعتبر الناطق البريطاني في الشرق الأوسط.