على رغم المرحلة الصعبة التي تعصف بلبنان والمنطقة وبالتزامن مع زيارة البابا بينيديكتوس السادس عشر لبنان، أبدت بيروت اهتماماً قوياً بورشة عمل حملت عنوان «حماية الطفل في الحقل الطبي: تقييم وتدخل». وأدار الورشة أطباء وباحثون لبنانيون وأجانب، إضافة الى حضور قانوني تمثّل بمشاركة رئيس محكمة متخصّصة بصغار السنّ. وأكد الأطباء أهمية التنبّه للأبعاد الصحيّة والنفسية المتّصلة بتعنيف الأطفال وانتهاك حقوقهم. وأشاروا إلى أن واجب العاملين الصحيين الإبلاغ عما يشتبهون بكونه حالات تعنيف للأطفال، كي تحال على قضاء متخصّص بهذه الحالات. عقدت ورشة العمل في «أوتيل جفينور روتانا» في بيروت، وحضرها ممثلون عن وزارتي الصحة العامة والشؤون الإجتماعية، وال «يونيسف» و «الجمعية اللبنانية لعلم النفس»، إضافة إلى مجموعة من الاختصاصيين في علم الاجتماع. وجرى خلال الورشة التشديد على أن سلامة الأطفال تمثّل أولوية بارزة، لأنهم غير قادرين على إتخاذ قرارات مستقلة بخصوص رعايتهم اجتماعياً وصحياً، ما يفرض توعية الأهل وأولياء الأمور بهذا الشأن، مع التشديد على أن الأطفال هم الفئة الأكثر أهمية في المجتمع. وساد شبه إجماع على أن سوء معاملة الأطفال تمثّل مشكلة في مجتمعنا، مع وجود فرصة لوضع اجراءات تهدف إلى مساعدتهم. ولوحظ أن تعنيف الأطفال من أهم الحوادث المتّصلة بأمراض الطفولة، بل ربما يؤدي إلى الوفاة. لذا، اعتبرت الورشة أن الاكتشاف المُبّكر وتثقيف الأهل وإبلاغ السلطات المعنية، أمور أساسية تساعد على الحدّ من المشكلة. ورفعت الورشة شعار «لا تقلق لوحدك، فالعمل الجماعي أساس». ويشير الشعار الى وجود مسؤولية مشتركة تجاه العناية بالأطفال، لأن سوء معاملتهم ربما يحدث في الشارع والمدرسة والمنزل، وهي أمكنة يفترض أن يكونوا بأمان فيها. وعرفت الدكتورة ليلى عاقوري ديراني رئيسة «الجمعية اللبنانية لعلم النفس» سوء معاملة الطفل بأنها الاعمال التي تتضمّن إهماله أو الحاق أذى فعلي أو محتمل به. وأضافت أن سوء المعاملة موجودة بأشكال مختلفة تشمل الأذى الجسدي والنفسي والإهمال الفادح والإعتداء الجنسي وغيرها. عدم البوح وأشار الأطباء خلال الورشة إلى أن هدفهم تحديد حالات الإساءة للطفل بدقة، والحصول على معلومات عنها. ووصفوا هذه الأمور بأنها صعبة، لأن الناس يتجنبون قول الحقيقة في هذه الظروف، خصوصاً أن بعضها ربما تعارض مع معتقداتهم الثقافية والعائلية حول الخصوصية. وشدّد الأطباء على أن أشكال سوء المعاملة يكون ظاهراً أحياناً، كالعض والحرق والكسر، لكنه يكون «خفياً» في حالات اخرى، ويلمس أثره في علامات مثل التعب والحزن والصمت والقلق الدائم والخوف من العودة إلى المنزل وغيرها. ففي هذه الحالات، يتوجّب على الأهل أن يراقبوا تصرفات الطفل وأن يكسبوا ثقته، كي يخبرهم عما يعانيه، ومن الضروري أيضاً أن يصدّق الأهل الطفل ويعطوه الطمأنينة، وألا يلقوا اللوم عليه، بل يتعاطفوا معه كي يحفزوه على البوح بما يزعجه. وأكدت الورشة أن الأطفال ليسوا كائنات صغيرة، تمتلك حقوقاً مصغرة، بل أن حقوقهم كثيرة وفي مقدمها الحق في الحياة والتعليم والرعاية والاحترام.