في مركز سانت ماري الاجتماعي في بور أو برانس، تصرخ مجموعة من الأولاد «ها قد أتت سيارة الكتب!»... وبعد دقائق، تتجمع تحت شجرة للاستماع إلى القصص التي سترويها سوز دورانج. وتعلو صرخات الأولاد لدى رؤية شاحنة «بيبليو تاب تاب» الصغيرة التي حوِّلت إلى مكتبة بفضل المنظمة غير الحكومية «مكتبات بلا حدود» والتي وصلت إلى حي كانابيه-فير شرق عاصمة هايتي. فالزلزال الذي ضرب هايتي في كانون الثاني (يناير) 2010 هدم مكتبات كثيرة في بور أو برانس، لكن «مكتبات بلا حدود» ساهمت في إعادة بناء الكثير منها وسمحت بالتالي للنازحين بالبقاء على اتصال بالكتب من خلال جلسات قراءة عامة. ويصل بعض الأولاد إلى هذه الجلسات وهم يركضون بعد أن يكونوا قد جمعوا الماء لعائلاتهم. وتجلس إميلكار ديوفين البالغة من العمر 8 سنوات قرب مديرة جلسة القراءة وتكرر كل الجمل التي تسمعها. ويفتح الأولاد أعينهم مندهشين بالقصة التي يسمعونها ويصفقون عند انتهاء القراءة. وتقول إميلكار «إنها قصة جميلة، اقرئي لنا بعد». وتوضح مديرة الجلسة: «نحن نزور أيضاً مخيمات النازحين إثر زلزال 2010. يعيش أولاد هناك ويكتشفون الكتب للمرة الأولى. فهم لا يذهبون إلى المدرسة ويحتفلون عندما تصل شاحنة الكتب». ويقول باتريك فيل مدير منظمة «مكتبات بلا حدود» إن «بيبليو تاب تاب تحقق نجاحاً كبيراً ومذهلاً! ويدل ذلك على حاجة السكان الكبيرة إليها». وتسبب الزلزال الذي هز المنطقة في كانون الثاني(يناير) 2010 بوفاة 220 ألف شخص على الأقل، من بينهم 1350 معلماً و38 ألف تلميذ. وأعادت المدارس فتح أبوابها رسمياً في العاصمة في 6 نيسان (أبريل) 2010، لكن الكثير منها ما زال مدمراً. وأطلقت «مكتبات بلا حدود» مكتبتها المتنقلة الأولى في هايتي قبل شهرين ونصف الشهر تقريباً. ومذاك، يختبر أولاد كثر في أحياء العاصمة يومياً لذة القراءة. ويفضل مايك البالغ من العمر 9 سنوات قصة «الذئب والحمل» للكاتب جان دو لا فونتين التي قرأتها الراوية باللغة المحلية. أما تيرا ابنة الأربع سنوات فقد أحضرت للراوية كتبها الخاصة كي تقرأها للأولاد. وتقول الراوية سوز التي تجوب بور أو برانس خمس مرات في الأسبوع لتقرأ الكتب في الأحياء والساحات العامة: «الأولاد رائعون ولا يشبعون من القصص. يحبون كيريكو وأوبيليكس وأستيريكس وعلاء الدين». ولا يستقطب المشروع الأولاد فحسب، فالراشدون يمضون بدورهم بضع ساعات في القراءة لدى وصول المكتبة المتنقلة العزيزة على قلوب كثيرين. ودشنت «مكتبات بلا حدود» أخيراً المكتبة التابعة لوزارة الشؤون الخارجية في هايتي ومركزاً للمحفوظات دمرا عام 2010. وزودت أيضاً الجامعة الحكومية بمكتبة رقمية. وتحظى أكثر من 460 هيئة في هايتي بدعم «مكتبات بلا حدود» منذ ثلاث سنوات بفضل الجائزة الثقافية التي نالتها المنظمة عام 2010 من مؤسسة في فرنسا والبالغة قيمتها 750 ألف يورو.