وصف نقيب المحامين السابق عبدالرحيم الجامعي زيارة خوان مانديز المقرر الدولي المستقل لحقوق الإنسان المكلف ملف التعذيب إلى المغرب بأنها بمثابة محكمة رأي عام دولي «للجواب عن تهم التعذيب بصك اتهام خطير مليء بالضحايا والآلام والتظلمات». وأوضح الجامعي الذي عُرف بدفاعه عن المعتقلين السياسيين ومحاكمات الرأي، أن تحريك التحقيق مع الدولة وإطلاق عملية استطلاع وبحث من طرف هيئة دولية مختصة «ليس بالأمر السهل أو العابر» بل يعني - على حد تعبيره - أن التعذيب المحرّم دولياً «يمارس فوق تربة ملوثة بالانتهاكات المتعددة الأبعاد والمستويات، وتُمارس بإرادة الدولة وتحت بصرها، بإصرار وتدبير من أجهزتها وبتخطيط من مؤسساتها». وخلص إلى أن ذلك يعني أن الدولة «لا تحترم تعهداتها الدولية والاتفاقات التي أبرمتها وصدقت عليها في مجال حقوق الإنسان». وتمنى على المسؤولين الرسميين في القطاعات ذات الصلة عدم التنكر للحقيقة والاعتراف «بكل شجاعة أدبية وسياسية» بأن في المغرب مراكز «يُمارس فيها التعذيب». وتشكّل زيارة المقرر الدولي خوان مانديز إلى المغرب أول اختبار لرصد سجله في انتهاكات حقوق الإنسان بخاصة ممارسة التعذيب لدى انتزاع الاعتراف من متهمين محتملين. وعرضت تنظيمات حقوقية غير حكومية في مقدمها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان ونشطاء «حركة 20 فبراير» الشبابية واللجنة المغربية لمناهضة التعذيب إلى أوضاع حقوق الإنسان في البلاد والممارسات المهينة للكرامة في مراكز ومعتقلات، إضافة إلى طلب تكريس عدم الإفلات من العقاب وفتح تحقيقات في الإفادة التي تحدثت عن ممارسة التعذيب. وقال نشطاء إنهم سلموا تقارير إضافية إلى المقرر الدولي الذي حرص على حضور طبيب في زيارته إلى المغرب التي تشمل الاجتماع إلى مسؤولين حكوميين وأعضاء في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والمندوب الوزاري لحقوق الإنسان بهدف الإلمام بالصورة الكاملة للمشهد الحقوقي في البلاد. وبتزامن مع الزيارة، حضت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات المغربية على فتح تحقيق جدي في الاتهامات التي تعرض إلى استخدام التعذيب لانتزاع أدلة الإدانة ضد متهمين معتقلين. وصرّح إريك غولدستين نائب المديرة التنفيذية في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الأميركية، بأن أحكام السجن التي صدرت ضد نشطاء استندت إلى اعترافات «قد تكون انتزعت تحت التعذيب». وأضاف: «لن يكون في إمكان المغرب ضمان إجراء محاكمات عادلة إلا في حال حققت المحاكم بشكل جدي في المزاعم الخاصة بانتزاع الاعترافات القسرية». وكانت السلطات المغربية تعرضت للمزيد من الانتقاد خلال التئام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف. وشارك وزير العدل والحريات المحامي مصطفى الرميد القيادي في «العدالة والتنمية» للمرة الأولى في أعمال المجلس، ما حدا إلى فتح حوار شامل كان من نتائجه قيام المقرر الدولي المستقل خوان مانديز بزيارة ميدانية للمغرب الذي يعول على احتلال مقعد في مجلس حقوق الإنسان في جنيف. وعلى رغم إقرار قوانين صارمة في حظر التعذيب وتعريض ممارسيه إلى محاكمات وعقوبات قاسية لا يزال نشطاء من تيارات مختلفة يشتكون من استمرار التعذيب في السجون والمعتقلات. على صعيد آخر، استقطب حضور الأمير هشام بن عبدالله نجل عم العاهل المغربي الملك محمد السادس وقائع محاكمة في الدارالبيضاء اهتمام المراقبين. وقالت المصادر إنها المرة الأولى التي يدلف فيها أمير من العائلة الحاكمة ردهات المحكمة في قضية رفعها الأمير هشام ضد النائب البرلماني عبدالهادي خيرات القيادي في «الاتحاد الاشتراكي» المعارض الذي كان اتهمه بحيازة قرض من المصرف العقاري والسياحي «من دون ضمانة». ونفى الأمير في تصريح مقتضب أن يكون هناك أي محاولة للصلح مع النائب خيرات، موضحاً أنه اضطر إلى تقديم شكوى أمام المحكمة لحض خيرات على الإدلاء «بما يثبت تورطه» في قضية فساد مزعوم. غير أن وقائع الجلسة الأولى للمحاكمة استقرت عند مرافعات طاولت الإجراءات الشكلية. وطلب المحامي محمد طبيح الذي يؤازر خيرات، إرجاء الجلسة إلى موعد لاحق. واستجابة المحكمة لم تحل دون إبداء المحامي عبدالرحيم برادة الذي ينوب عن الأمير هشام، ملاحظات في الجانب الشكلي كذلك. وسئل الأمير هشام إن كان في استطاعته حضور الجلسة المقبلة التي تقررت في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، فرد بأن لديه التزامات خارج البلاد وأن محاميه سينوب عنه. ويطالب الأمير هشام بدرهم رمزي في المحاكمة. في حين أوضح النائب خيرات في وقت سابق أنه عرض لوقائع أثيرت إبان التدقيق في أوضاع المصرف العقاري والسياحي، وأنه لم يكن يرغب في الإساءة إلى الأمير هشام. وكانت محكمة في الدارالبيضاء دانت المدير العام السابق للمصرف مولاي الزين الزاهدي الذي تولى منصب وزير التخصيص في تسعينات القرن الماضي. لكن الأحكام التي طاولت متهمين آخرين، صدرت غيابياً ضد الزاهدي بسبب فراره خارج البلاد. وفي سياق متصل، لا يزال أحد مدراء المصرف السابقين الوزير السابق في العمل والتعليم الجامعي خالد عليوة القيادي السابق في «الاتحاد الاشتراكي» يقبع في أحد سجون الدارالبيضاء بتهم الفساد في انتظار بدء محاكمته.