الصداع النصفي («ميغران» Migraine) الذي يسمى أيضاً «الشقيقة»، هو ألم شديد في الرأس، يترافق مع إحساس بالغثيان واضطراب في النظر وعدم القدرة على العمل أو ممارسة الأعمال اليومية، بل وانعدام الرغبة في الكلام. الصداع النصفي شديد الانتشار عالمياً. وتتراوح نسبة إصاباته بين الأطفال والكبار في أميركا بين 17 في المئة و20 في المئة من السكان، وفي أوروبا، تتراوح النسبة بين 12 في المئة و15 في المئة، إضافة الى إصابة 6 في الألف من الأطفال به. وفي مصر، لا يوجد إحصاء دقيق عنه، لكن يرجح ألا تختلف نسبه عن دول البحر الأبيض التي تتشابه مع أوروبا. وحديثاً ظهرت أنواع من العلاجات غير الدوائية التي تحمل الأمل لمرضى الصداع النصفي، تشمل العلاج بالنبضات الكهربائية وحقن البوتكس. كهرباء واسترخاء حول تشخيص الصداع النصفي وعلاجاته الحديثة، عقدت «الجمعية المصرية للأمراض العصبية والنفسية» في القاهرة أخيراً، جلسة علمية حضرها عدد من الأطباء المتخصصين من مصر والنروج. وفي هذه الجلسة، أوضح رئيس الجمعية الدكتور محمد يسري السنوسي، أن الصداع عموماً يعتبر عارضاً مرضياً يأتي من أسباب كثيرة. وأشار إلى أن أخطر أنواع الصداع هو الناتج من زيادة الضغط في الدماغ. وحضّ على تقصي سبب الصداع قبل الشروع في علاجه، مشيراً إلى أن الأمراض التي تسببه تشمل أمراض الأوعية الدموية والجلطات الصغيرة والانسدادات الدموية ونزيف المخ وأمراض الجيوب الأنفية وغيرها. وأوضح أن البحوث العملية أشارت إلى أن نسبة الصداع المتّصل بأمراض عضوية تلامس 10 في المئة. وتحدّث السنوسي عن «الصداع الأولي»، مُشيراً إلى إمكان ترافقه مع أسباب نفسية متنوّعة. وأضاف السنوسي أن نوبة الصداع النصفي قد تستمر 72 ساعة، وربما تكرّرت مرتين أو أربع مرّات أسبوعياً. بين نوبتين وأربع في الأسبوع، ويصاحب النوبة غثيان وقيء، مشيراً إلى أن الوقاية تأتي من إجراءات مثل تجنّب السهر والإجهاد وتلافي تناول بعض الأطعمة. وتستخدم بعض الأدوية على سبيل الوقاية أيضاً. وأوضح الدكتور أنور الأتربي، أستاذ الأمراض العصبية والنفسية في كلية الطب في جامعة عين شمس، أن هناك تطوراً في علاج أنواع الصداع، مشيراً إلى افتتاح مراكز متخصّصة في البحوث عن أسبابه. وأشار كذلك إلى ظهور علاج لأنواع الصداع، تشمل تنشيط المخ من الخارج بواسطة جهاز صغير يشبه النظارة، ويوضع على نقطة في مسار أحد الأعصاب الدماغية الأساسية. ومع إرسال إشارات تنبيه كهربائية الى العصب لتحفيزه. وبأثر من هذا، يرسل العصب إشارات الى جذع المخ، ما يؤدي الى تثبيط الألم، بالترافق مع إفراز أعصاب الدماغ مادة داخلية، إسمها «إندورفين» Endorphin، تعطي شعوراً بالاسترخاء. ولا تستغرق جلسة الاستخدام أكثر من 20 دقيقة. ويعاد تقويم مدى نجاح العلاج بعد شهر. وأوضح الأتربي أن الاستغناء عن الأدوية يعتمد على درجة استجابة المريض، مشيراً إلى ان العلاج بالتنشيط الكهربائي يترافق مع تخفيض تدريجي لاستعمال أدوية علاج الصداع. وأشار إلى أن الجهاز يعمل عبر 3 برامج، الأول لإزالة الألم مباشرة خلال نوبات الصداع النصفي، والثاني للوقاية من النوبات، والثالث يستخدم لإعطاء الإحساس بالراحة والهدوء، وإزالة القلق والتوتر، واستجلاب النوم الهادئ. وأشار الأتربي إلى حصول هذا الجهاز على شهادة الاعتماد الأوروبية، موضحاً أنه حقق مبيعات بلغت 14 مليون جهاز سنوياً، كما حصل على موافقة وزارة الصحة على تداوله في مصر. ضياع 400 ألف يوم وتحدث الدكتور توميسي استيمر، أستاذ علاج الصداع والصحة العامة في جامعتي «تروندهايم للعلوم والتكنولوجيا» (النرويج) و«إمبريال كوليدج» (لندن)، عن العبء الذي يسببه الصداع النصفي. وأشار إلى أنه يتسبّب في إضاعة 400 ألف يوم عمل أو دراسة سنوياً لكل مليون شخص في الدول المتقدمة. وقال: «إن الاضطرابات التي يسبّبها الصداع النصفي ربما استمرت مدى الحياة، وهي تصيب الرجال والنساء والأطفال، وتسبّب آلاماً مُبرّحة للمريض، وتلحق الضرر بالعلاقات الأسرية والاجتماعية، كما تصيب نوعية حياة المريض بضرر كبير». في السياق ذاته، أوضح الدكتور أسامة عبد الغني، أستاذ المخ والأعصاب في طب عين شمس، أن الصداع النفسي يبدأ غالباً في سن الطفولة، ويصل إلى أقصى درجاته في سن المراهقة، وينحسر تدريجاً مع التقدم في العمر. وذكر أن الصداع النصفي يتركز في أحد جانبي الرأس، وربما انتقل من نصف إلى آخر، وأحياناً يصيب الرأس كله، ويصاحبه غثيان ورغبة في الابتعاد عن الضوضاء والضوء، وعادة لا يقدر المصابون به على القيام بأعمالهم الاعتيادية بسهولة. ودعا الى عدم الاعتماد على المُسكّنات في علاجه، خصوصاً أن بعضها غير آمن. من جهة أخرى، تحدّث عبد الغني عن صعوبة تشخيص مرض الصداع النصفي لدى الأطفال نظراً إلى أنه لا يحدث بالشكل المتعارف عليه بين المراهقين والشباب، وقد يكون قريباً في أعراضه من مرض نوبات النشاط الكهربائي (يسميه بعضهم «الصرع»). وأشار إلى أن الأطباء غير الخبراء ربما وجدوا صعوبة في تشخيصه.