هيمنت ملفات التنمية المستدامة ومعالجة تداعيات أزمة المال العالمية على الدول النامية والأكثر فقراً وأزمة البطالة واستقرار الأمن الغذائي، على دورة المجلس الاقتصادي والاجتماعي (ايكوسوك) التابع للأمم المتحدة، الذي اختتم أعماله ليل الجمعة بحزمة توصيات وقرارات. اعتمد المجلس ما وصفه «عهداً عالمياً للوظائف»، لتشجيع الدول الأعضاء على تعزيز الاستفادة الكاملة من فرص العمل المتاحة وتحقيقها للقضاء على البطالة المتصاعدة نتيجة تداعيات الأزمة العالمية. ودعا إلى وضع إطار عام يمكن لكل بلد أن يستخدمه في وضع سياسات محددة، ويصوغ الأولويات المناسبة، في إطار هدف جماعي يشجع سياسات التنمية متعددة القطاعات، وتبادل الخبرات التقنية والتعاون الدولي، لدى وضع تدابير لتعزيز العمالة وحمايتها في خطط الإنعاش، وفقاً لاحتياجات وظروف محددة. وطالب «العهد» الأممالمتحدة وصناديقها وبرامجها ووكالاتها المتخصصة «الأخذ بأهدافه في سياساتها وبرامجها في سياق مساعداتها المقدمة إلى الدول». وحضّ «العهد» في الوقت ذاته المؤسسات المالية الدولية والمنظمات الدولية الأخرى ذات الصلة إلى وضع تلك التوصيات في سياساتها العامة بهدف دعم التوظيف والبحوث العلمية. وتقول البرازيل، التي دعمت المشروع، في بيان تأييدها له «إن الأزمة الحالية ليست اقتصادية ومالية فحسب، بل هي أولا وقبل كل شيء أزمة عمالة. لذا يجب تشجيع تأمين فرص العمل والاندماج الاجتماعي، ووضع مجموعة تدابير لمعالجة التحديات الأكثر إلحاحاً في الوضع الاقتصادي الراهن، كما يجب النظر إلى «العهد العالمي للوظائف»، بصورة شاملة ومتكاملة من قبل منظومة الأممالمتحدة، وفقاً للخطط والأولويات الوطنية، آخذةً في اعتبارها أهمية الملكية الوطنية وبناء القدرات على جميع المستويات. ظروف غير عادية وتطابق الرؤية، اعتراف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بأن دورة المجلس هذه السنة، «تأتي في ظل ظروف صعبة، فعلى مدى عام كامل حصلت أزمات طاقة وغذاء، ثم أزمات اقتصادية واجتماعية، كلها يثبت مدى ارتباط مصائرنا». وأضاف في رسالته إلى المجلس «إن تقرير الأهداف الإنمائية للألفية وجه إلينا رسالة ينبغي ألا تكون مفاجئة، فالبيئة الاقتصادية الراهنة تجعل تحقيق الأهداف أكثر صعوبة. كما قهر ارتفاع أسعار مواد الغذاء عام 2008 جهود ما يقرب من عقدين في مكافحة الجوع، وتباطأت قوة الدفع للحد من الفقر في العالم النامي، وزُج بعشرات الملايين من الناس إلى البطالة ومزيد من الضعف». ويعزز المجلس موقفه من خطورة الوضع الراهن، بما قاله له المدير العام لمنظمة التجارة العالمية باسكال لامي: «إن النظام التجاري المتعدد الطرف كان دائماً وثيقة تأمين وعامل استقرار للتجار في جميع أنحاء العالم، لا سيما بالنسبة إلى بلدان نامية». وكرر لامي موقفه من الإجراءات الحمائية التي يعتبرها «تهديداً حقيقياً، منتقداً التدابير التقييدية المتمثلة في زيادة التعريفة الجمركية والتدابير غير الجمركية، ومكافحة الإغراق والتدابير، مشدداً على أن حفظ التجارة الحرة عنصر أساس للمساعدة على الخروج من الأزمة». وحذر الأمين العام لمؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) سوباشاي بانيتشباكدي من تضليل الرأي العام بما توصف «الطلقات الخضراء»، التي يراد بها التلويح ببوادر انتعاش اقتصادي قريب، لأن جميع المؤشرات المتوفرة، لا تزال بعيدة من تغير الأوضاع بصورة إيجابية، كما أكد أن أفريقيا في حاجة إلى ثورة خضراء لعلاج أزمة الغذاء في القارة وضمان الأمن القومي فيها منتقداً عدم دعمها في مجال التصنيع الغذائي. وقال نائب المدير الإداري لصندوق النقد الدولي موريلو بورتوغال، إن سرعة العودة إلى انتعاش دائم وتوقيتها، لا تزال غير اكيدة، مشيراً في الوقت ذاته إلى خطوات الصندوق لزيادة المرونة في سياسة منح القروض وتوسيع موارده المالية ليتمكن من الاستجابة للزيادة الكبيرة في الطلب عليها. وأشار بورتوغال إلى أن التزامات الإقراض الآن أكبر 11 مرة مما كانت قبل الأزمة، وتقف عند مستوى قياسي قريب من 160 بليون دولار، مقارنة مع 14 بليوناً نهاية 2007 و82 بليون دولار في 1998 في أعقاب الأزمة الآسيوية. وأكد نائب رئيس شبكة التنمية البشرية التابعة للمصرف الدولي جوي فومافي، أن أزمة الائتمان العالمية، إلى جانب عدم التيقن في شأن الطلب في المستقبل، أخّرت الاستثمارات وأدّت إلى انخفاض حاد في الطلب على السلع المعمرة. ويركز على أن نمو الناتج المحلي في البلدان النامية الذي يتوقع أن يبقى إيجابياً هذه السنة، بسبب النمو في كل من الصين والهند، ولكن لدى حساب الناتج المحلي في بقية البلدان النامية يرجّح أن يهبط إلى 1.6 في المئة. وأشار إلى أن تباطؤ النمو أضعف بكثير من تدفق رأس المال لردم فجوة التمويل الكلي للمشروعات المطروحة التي تتراوح ما بين 350 و635 بليون دولار في 2009.