كان اليوم الأخير من الندوة قد شهد مناقشة المسائل القانونية المطروحة من خلال العلاقة بين الجرائم الأصلية وجريمة غسل الأموال، التي تحدث فيها جان فرنسوا طوني النائب العام بمحكمة الاستئناف بكولمار بفرنسا، وكذلك شادي الخوري المستشار في صندوق النقد الدولي، الذي بدأ ورقته بإبراز أهم أهداف هذه الجلسة والمتمثلة في تحديد بعض الاجتهادات والأحكام القضائية في مجال غسل الأموال، إضافة إلى تحديد المسائل القانونية البارزة المطروحة من المحاكم بشأن الأحكام الجنائية المتعلقة بغسل الأموال، بالاستناد إلى الأحكام القضائية المختارة. واعتمد الخوري على عدد من القضايا في بعض البلدان، مثل حصر أهم المجالات الرئيسية الثلاثة للمحاضرة، وهي العناصر التي تشكل جريمة غسل الأموال والتفسير الصادر عن المحاكم، والعلاقة بين غسل الأموال والجريمة الأصلية لمحاولة الربط بينهما، إضافة إلى القصد والأدلة، واشتمل كل مجال على عدد من المبادئ القضائية منها: لا داعي للإدانة في الجريمة الأصلية ما دام مرتكب جريمة غسل الأموال يعرف المنشأ غير الشرعي للسلع، ولا داعي للإدانة في الجريمة الأصلية، ما دام توجد أدلة تثبت وقوع الجريمة الأصلية فعلاً، وأن المرتكب كان يجب أن يعلم أن الأرباح أو العائدات متحصلة عن الجريمة الأصلية، وكذلك لا داعي أن يحدد القاضي الجريمة الأساسية، بل يكفي أن تكون العائدات متحصلة عن جريمة، ولا داعي إثبات أن مرتكب جريمة غسل الأموال يعرف الطبيعة الدقيقة أو الدلالة القانونية للجريمة الأصلية، ويكفي إثبات الدليل على معرفة الطابع غير الاعتيادي للعملية الهادفة إلى غسل الأموال، وعلى استنتاج معقول بأن المال متحصل عن جريمة، وبالنسبة إلى وجود جريمة غسل أموال، من الضروري أن يتم الإثبات مع إقامة الدليل الحاسم بأن العائدات ناتجة من جريمة، وأن المرتكب مدرك لذلك. وتطرقت الجلسة إلى عدد من القرائن المهمة تصلح للدلالة على جريمة غسل الأموال، كالزيادة غير الطبيعية في الأصول، وعدم وجود أعمال أو تجارة قانونية لتبرير الزيادة، أو ارتباطها بنشاطات تجارة المخدرات أو أشخاص لهم علاقة بهذه النشاطات، أو مناولة مبالغ كبيرة من المال النقدي بشكل غير مألوف بالنسبة إلى الممارسة التجارية العادية، أو إنشاء شركات وإجراء عمليات تحويل للأصول إلى رأسمال الشركات أو استخدام أشخاص وهميين، واختتم المتحدث جلسته بذكر عدد من نماذج عمليات غسل الأموال. أما الجلسة الثامنة فكانت عن حالات عملية من خلال تجارب بعض الدول الأعضاء، والمواضيع والمسائل التي ترغب الدول في طرحها للنقاش على الندوة، وتبادل الخبرات والتجارب ذات الصلة بمواضيع الندوة حيث تحدث مساعد النائب العام بمصر المستشار عدنان فنجري وعرض لقضيتين تطبيقيتين حصلت في مصر في مجال جرائم غسل الأموال، وكيف تعاملت النيابة العامة معها في الجانب التحقيقي فيها، وعرض الأحكام القضائية التي صدرت في القضيتين، وتطرق إلى مبادئ قضائية أصدرتها محكمة النقض بشأن قضايا غسل الأموال. وكانت الجلسة التاسعة تتمحور حول جهود السعودية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذلك دور مجلس الشورى في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التي تحدث فيها عضو مجلس الشورى عبدالله العبدالقادر، عن أن ظاهرة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية التي تواجه العالم بأسره، وأنها من أخطر الجرائم وأكثرها تعقيداً وتؤثر في جميع القطاعات، فلها آثار اجتماعية وسياسية وأمنية تنعكس على جميع نواحي الحياة، لأنها مرتبطة بالجريمة المنظمة، وتتصاعد بشكل مخيف، بخاصة في ظل العولمة وشيوع التجارة الإلكترونية، ولفت إلى أن المملكة تبنت عدداً من المبادرات سواء على المستوى المحلي أم الإقليمي والدولي، وذلك من خلال محاور عدة شكلت منظومة متكاملة من الإجراءات والتدابير التشريعية والتنفيذية والوقائية والتوعوية، التي جعلت المملكة في مصاف أهم الدول الساعية إلى مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.