كشف المفكر إبراهيم البليهي أنه يهتم بالموسيقى، وأن هذا الاهتمام بالموسيقى ليس لذاتها، «وإنما يأتي هذا الاهتمام ضمن اهتمامي في كل أشكال الإبداع الإنساني، إنني أبذل جهداً موصولاً من أجل التعرف على عوامل الإبداع، الذي هو في كل العالم من نصيب قليل من الأفراد، وكذلك التعرف على عوامل العقم لدى الجموع الغفيرة من المتعلمين الذين أطفأ التلقين المدرسي قابلياتهم الإبداعية، وكذلك أحاول التعرف على العوامل التي تدفع بمجتمع إلى الصعود والتقدم للصدارة، والعوامل المضادة التي تستبقي مجتمعات أخرى تعاني من العجز والفقر والبؤس والهوان والتخلف. فقابليات الناس في كل المجتمعات هي قابليات متشابهة، فينحصر الفرق بما ينضاف إلى هذه القابليات التي تأتي فارغة، فقدرات الإنسان مرتهنة بما ينضاف إليها وليس بما يولد بها، ومن هنا جاء اهتمامي بالطبيعة البشرية وبقضايا الحضارة وبفلسفة التاريخ وبالكيانات الثقافية المتمايزة وبالقابليات الإنسانية العظيمة المعطلة»، مشيراً إلى أنه بهذه الاهتمامات المتنوعة يحاول «التعرف قدر الإمكان على كل ما يبدعه الإنسان في كل المجالات، فليس المهم نوع الشيء الذي يتم إبداعه بل الأهمية القصوى للقابليات الإبداعية، لذلك فإن كتابي «عبقرية الاهتمام التلقائي» قد ضمَّ فصولاً عن مبدعين موسيقيين من أمثال: موزارت وفاغنر وتشايكوفسكي، كما اشتمل على فصول عن مبدعين في فن الرسم مثل دافنشي ومايكل انجلو وبيكاسو، وكذلك اشتمل على فصول عن مبدعين في فن المسرح مثل شكسبير وإبسن وبرناردشو وبريخت، إنني مهتم بإبراز التجليات الإبداعية في كل المجالات، وأبذل جهداً لحوحاً وموصولاً من أجل الاستقصاء بقدر الإمكان. لأنني أرى أن الجزء الأكبر من القابليات الإنسانية ما زال معطَّلاً، ليس فقط في المجتمعات المتخلفة بل على المستوى الإنساني بأجمعه، فقابليات الإنسان عظيمة، لكنها في الغالب غائبة عن إدراك الحس العام فلا يعرفها إلا قلة من الباحثين». وقال البليهي إن رتابة التعليم أسهمت «في أكثر بلدان العالم في حجب هذه القابليات، بل إن التفكير المدرسي الثقيل والاجترار الأكاديمي الرتيب قد تسبَّبا في ردم هذه القابليات وإغلاقها، وتفويت الفرص العظيمة التي كانت متاحة أمام الأجيال، فضاع على الإنسانية الجزء الأعظم من هذه الثروة المتجددة الهائلة».