تسجل سوق الصكوك في العالم وفي المنطقة العربية، انتعاشاً كبيراً، على رغم الأزمة التي تمر بها منطقة اليورو. وتوقّع «مركز التميّز العالمي للخدمات المالية الإسلامية» التابع لشركة «إرنست أند يونغ» للاستشارات، ارتفاعَ الطلب العالمي على الصكوك (الأوراق المالية المنسجمة مع الشريعة) ثلاثة أضعاف بحلول عام 2017 إلى 900 بليون دولار، مقارنة بحجم الطلب الحالي الذي يبلغ 300 بليون. وعزا المركز توقعاته إلى النمو الكبير الذي يشهده قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية، وزيادة الإقبال على الأوراق المالية السائلة التي تتوافق مع أحكام الشريعة. وأكدت مصادر ان سوق القروض في المنطقة العربية شهدت ارتفاعاً خلال النصف الأول من العام، فيما شهد حجم إصدارات الصكوك في المنطقة زيادة ملحوظة منذ بداية العام الحالي، بنسبة فاقت 300 في المئة، إلى 40 بليون دولار. وأكد مسؤول الخدمات المالية الإسلامية في شركة «إرنست أند يونغ» في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أشعر ناظم، في بيان ان «الصكوك لا تزال تحظى باهتمام كبير، خصوصاً بعد تدهور الاقتصاد العالمي، الذي تعلمنا منه ان تحمّل ديون محفوفة بمقدارٍ عالٍ جداً من الأخطار، يمكن ان يؤدي إلى انهيار مالي خلال أي أحداث مفاجئة يصعب توقعها. ومن هنا تنبع أهمية الصكوك التي تمتاز بكونها منتجات مدعومة بأصول ومشاريع حقيقية». وتزامنت الزيادة في الإصدارات مع التحولات السياسية التي تشهدها بعض الدول في المنطقة العربية، في حين تسعى مصارف أوروبية إلى الحدّ من تواجدها في المنطقة بسبب أزمة منطقة اليورو، ولتلبية متطلبات رأس المال المتشددة في دولها. وكان الرئيس التنفيذي لمصرف «دويتشه بنك» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، آشوك آرام، أكد ان «بيئة الاقتصادات الكبرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تزال قوية، خصوصاً في المناطق المنتجة للنفط، ولذلك لم تتراجع ركائز الائتمان القائمة على الإمدادات بالنسبة إلى هؤلاء المصدّرين كما هي الحال بالنسبة إلى نظرائهم في الأسواق المتطورة». وأوضحت مؤسسة «ديالوجيك»، أن معظم الصكوك الإسلامية التي بيعت في الشرق الأوسط خلال العام الجاري، كان مصدرها السعودية. وأضافت ان سلطات الطيران المدني السعودية نجحت في جمع 15 بليون ريال سعودي (أربعة بلايين دولار) من الصكوك الإسلامية بداية العام، لتمويل مشروع التوسّع في نشاط الطيران. وكانت «شركة توليد الكهرباء» السعودية الحكومية، أصدرت صكوكاً من شريحتين بقيمة 1.75 بليون دولار. وتسعى الشركات الكبرى في جنوب شرقي آسيا والشرق الأوسط إلى الاستفادة من سوق الصكوك الدولية لجمع الأموال بطريقة متوافقة مع الشريعة، كما تتسابق الشركات المالية العالمية لجَني الأموال عبر الأدوات المالية الإسلامية، كالصكوك، وعبر تأمين منتجات متوافقة مع أحكام الشريعة. وفي السعودية، يتوقَّع ان يساهم إقرار قانون الرهن العقاري أخيراً في ضخ بلايين الدولارات في قطاع التمويل العقاري، وستكون سوق الصكوك المستفيد الرئيس من ذلك، وفق الشركة. وستستفيد الأسواق الكبرى، مثل ماليزيا وإندونيسيا وتركيا، من الطلب المتزايد على الأوراق المالية المتوافقة مع الشريعة والمدعومة بأصول حقيقية عالية الجودة. وأكدت مؤسسة «إرنست أند يونغ»، ان القطاع يواجه تحديات، أهمها قيود العرض، في وقت لا يزال الطلب فيه يفوق الإصدارات الجديدة التي تدخل السوق. وشدد ناظم على ان «غياب منصّة عالمية موحّدة ومفتوحة أمام جميع المؤسسات المالية الإسلامية والتقليدية لتداول الصكوك، يمثل إحدى العوامل الرئيسة التي تعرقل نمو هذه السوق».