تنتظر الرئيس الجديد لهيئة أسواق المال الكويتية نايف الحجرف لدى تسلّمه مهماته في الأسبوع الثاني من الشهر المقبل، ملفات ساخنة عنوانها الرئيس ردم الهوة مع المستثمرين وزيادة التواصل معهم، لإيجاد بيئة صحية للعمل في البلد النفطي الذي تراجعت فيه جاذبية سوق الأوراق المالية في شكل ملحوظ. ويندرج في طليعة هذه الملفات تعديل قانون هيئة أسواق المال وتطبيق قواعد الحوكمة على الشركات المدرجة، والمضي في مشروع تخصيص البورصة وتخفيف العبء عن شركات الوساطة. ويضع تعيين الحجرف حداً للتكهنات التي سادت الأوساط الكويتية حول مَن سيخلف صالح الفلاح الرئيس المنتهية ولايته، في مرحلة شهد فيها الاستقطاب حول الهيئة وقيادتها أعلى مراحله، وتسبب في تصعيد بين البرلمان والحكومة وخلافات بين النواب أنفسهم. وفي السنتين الأخيرتين من عمر مجلس المفوضين المنقضية ولايته، كثرت انتقادات المستثمرين والسياسيين للهيئة وقراراتها إلى حد جعل البرلمان يناقش تعديلات شملت 37 مادة من قانون الهيئة، مع إحالة إحدى أهمها على المحكمة الدستورية العليا لبتّها. وتركزت انتقادات المستثمرين لمجلس المفوضين السابق في عدم التواصل مع الشركات والمؤسسات صاحبة العلاقة المباشرة بعمل الهيئة، والتطبيق الصارم لبعض قواعد الشفافية والإفصاح، والمبالغة في تحويل المتداولين إلى الجهات القضائية وفرض رسوم مرتفعة على كثر من أصحاب العلاقة مثل شركات الوساطة المالية. كما يحمل هؤلاء على الهيئة ما يصفونه بالمبالغة في استقلالها، وعدم خضوعها واقعياً للسلطة التنفيذية على رغم أنها جزء منها. واعتبر المنتقدون أن قانون هيئة أسواق المال والتشدد في تطبيقه فرضاً قيوداً على التداولات تسبّبت في تكبيل السوق، وإضعاف قيمة التداول اليومية التي تراجعت في بعض الأحيان عن 10 ملايين دينار، في وقت كانت تصل قبل تطبيقه إلى 200 مليون. في المقابل ترى الهيئة أنها لا تفعل أكثر من تطبيق القانون الذي يفرض قواعد صارمة على التداولات، بهدف تحقيق الشفافية والقضاء على التلاعب في البورصة. وعلى رغم تغيير قيادة الهيئة إلا أن التعديلات المقترحة على القانون تبقى في انتظار مناقشتها نهائياً في البرلمان، ما قد يحدث في أي وقت يرى فيه النواب ضرورة ذلك. ودعا مدير «مركز الشال للاستشارات الاقتصادية» جاسم السعدون في تصريح إلى وكالة «رويترز»، الرئيس الجديد إلى القيام «بعمل استباقي» إذا أراد الانتقال بالهيئة إلى وضع أفضل. وقال: «عليه اقتراح تعديلات مهنية على قانون هيئة أسواق المال، وإعداد معايير التعيين (في وظائف الهيئة) لأن أكبر مدخل يضعف الهيئة ويغري السياسيين بالتدخل فيها هو عمليات التوظيف». وحذر المدير الأول لإدارة الأصول الاستثمارية في شركة «الدار» لإدارة الأصول الاستثمارية (ادام) فؤاد عبدالرحمن الهدلق، من «مسّ استقلال الهيئة في أي تعديل مقبل، لأن ذلك سيضر بالسمعة الدولية لبورصة الكويت». وتشكل قواعد الحوكمة التي ترغب الهيئة في تطبيقها على الشركات المدرجة، إحدى أهم الملفات الساخنة التي تنتظر الرئيس الجديد، إذ يعارضها كثر من المستثمرين لأنها في رأيهم «غير متدرجة وتحمّل الشركات تكاليف إضافية، ولا تفرق بين الشركات الصغيرة والكبيرة». كما أنها تدخل في «تفاصيل العمل ولا تكتفي فقط بوضع القواعد العامة والخطوط العريضة». وتتضمن القواعد فصل منصب رئيس مجلس الإدارة عن الرئيس التنفيذي، والإفصاح الفوري عن المعلومات للسوق ووضع نظام للرقابة الداخلية وإدارة الأخطار. ورأى مدير المجموعة المحاسبية في شركة «الصالحية العقارية الكويتية» محمد المصيبيح، أن «الوقت حان لتغيير القرارات التي قلّصت التداولات وأشاعت المخاوف في السوق، ويجب أن تكون النظرة شاملة لقواعد الحوكمة». وكانت وكالة «رويترز» أعدّت استطلاعاً شمل 12 مديراً لصناديق دولية في شباط (فبراير) الماضي، الذين أدرجوا الكويت في المركز الأخير بين خمس أسواق كبيرة في الشرق الأوسط، لجهة إفصاح الشركات وتفعيل القواعد التنظيمية في مواجهة التعاملات غير المشروعة. ويُتوقع أن تتحول بورصة الكويت إلى شركة خاصة، بعد إنجاز الإجراءات القانونية لذلك. وتملك هيئة أسواق المال الكويتية شركة البورصة بالكامل خلال المرحلة الانتقالية التي يجري فيها تهيئة الشركة، لطرح أسهمها أمام المواطنين والشركات المسجلة في البورصة. ويبلغ رأس المال المصرح به للشركة الجديدة 60 مليون دينار (212.5 مليون دولار) والقيمة الإسمية للسهم 100 فلس موزعة على 600 مليون سهم. ومن المقرر أن تطرح أسهم شركة البورصة بنسبة 50 في المئة للاكتتاب العام للمواطنين، و50 في المئة في مزاد علني على عشر شرائح متساوية للشركات المسجلة في سوق الكويت للأوراق المالية.