كافأت بريطانيا اسماعيل كادريه بجائزة مان بوكر الدولية، لكن شهرة الكاتب الألباني لا تزال محدودة في البلدان الناطقة بالإنكليزية لقلة أعماله المترجمة فيها. قد لا تمنحه الترجمة المزدوجة حقّه، لكن «شفق الآلهة الشرقيين» الصادرة أخيراً عن «كانونغيت» ترجمت أيضاً عن الفرنسية. يسترجع دراسته في موسكو أواخر الخمسينات حين لبّد نيل بوريس باسترناك جائزة نوبل المناخ السياسي. أُسّس «معهد غوركي للأدب العالمي» الذي قصده قدري طالباً للاحتفال بالواقعية الاشتراكية، واستاء الشاب من الإملاء الرسمي لتدريس الأدب. هل كان ذلك سبب طغيان اللهو على إقامته في موسكو؟ كان غالباً متعباً أو مفرطاً في الشرب، وأمضى وقتاً طويلاً مع الشابات. لم يمانع في قضاء الصيف مع شابة تعرّف اليها حديثاً ثم العودة الى صديقته الروسية كأنها حق له. قالت هذه إنها لا تحب الكُتّاب، و «من حسن الحظ أنك لن تكون منهم». قابل في المعهد طلاباً من المنظومة الاشتراكية تخلّوا عن لغتهم الأم ليكتبوا بالروسية لمجلة ماركسية- لينينية. ارتبط بشدّة بلغة بلاده وفولكلورها وتاريخها وخرافاتها، وكان قراره واضحاً. سيعود حتماً الى ألبانيا بعد زوال الأوهام في الاتحاد السوفياتي. يصوّر كادريه مناخ البارانويا والشك والعقاب لدى منح كاتب «دكتور جيفاغو» نوبل الأدب. خُيّر باسترناك بين رفض الجائزة والنفي إذا قبلها، وردّد العمال والفلاحون بيانات الكُتّاب الخاضعة للنظام بإذعان مماثل. باح قدري لصديق أنه قرأ بضع صفحات من «دكتور جيفاغو» فحذّره من التعرّض للمشاكل إذا ذكر الأمر لأحد. يقول إن سدس الكرة الأرضية جُرِف بموجة من الذم طاولت باسترناك شارك فيها معظم زملائه. هو أيضاً وجد نفسه في أرض معادية بعد أن انحازت بلاده الى الصين ضد الاتحاد السوفياتي، وكان عليه التأقلم مع مدينة تكره الكتابة الحرة. لم يغفر نقاد لكادريه نقده الحذر لأنور خوجا، وعيشه برغد نسبي في ألبانيا. بدا للغربيين أداة لحكم مستبد، لكن النظرة تغيّرت بعد انهيار الستار الحديد وازدياد معرفة الغرب بالحياة خلفه. تعرّض الآلاف للسجن والتعذيب في ألبانيا، واقترب كادريه من الخطر حين انتقد الحكم وهو عضو في البرلمان، لكنه لم يطمح يوماً الى أن يكون سولجينتسين آخر.