قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني إن دول المجلس «تدعم التطور السياسي في دول المنطقة، على أن يكون التغيير في الدول العربية منظماً ومحسوباً، وألا يؤثر في أمن الدول والاستقرار الإقليمي»، مشيراً إلى ضرورة عدم التدخل في شؤون أية دولة. وأكد الزياني خلال مشاركته ليل أول من أمس، في ملتقى الخليج للأبحاث الذي ينظمه مركز الخليج للأبحاث في جامعة كمبردج، أن إحدى النتائج المروعة للأحداث التي شهدتها المنطقة «تمثل في تحطيم البنية الاقتصادية للدول التي شهدت اضطرابات سياسية وامتدت بتأثيراتها السلبية إلى الدول المجاورة». وأضاف: «نحن ندعو إلى تعاون إقليمي ودولي واسع النطاق للتعاطي مع الوضع المتوتر الذي تعيشه المنطقة، من أجل احتواء الصراعات المتفجرة، وإرساء أوضاع قابلة للاستمرار حتى يمكن تجاوز حال عدم الاستقرار التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، كون هناك تحديات كبيرة تواجه المنطقة لم تنته بعدُ، وقد يكون ما هو قادم أصعب وأكثر تعقيداً». ولفت إلى أن الدول الضعيفة «تشكل تهديداً مباشراً لجوارها الإقليمي كمصدر للإرهاب، ومأوى للجماعات الإرهابية، وعصابات الجريمة المنظمة، وشبكات التهريب، والهجرة غير المشروعة، فضلاً عما تخلفه من كوارث ومآسٍ إنسانية». ودعا إلى ضرورة «الاستفادة من دروس الماضي القريب ومواصلة العمل لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، «إن أبرز الدروس المستفادة مما يحدث في المنطقة تتمثل في أهمية مواجهة التطرف والمتطرفين، وأهمية عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وسقوط مقولة المفهوم الواحد للديموقراطية، وضرورة تدعيم التعاون الإقليمي، ومركزية القضية الفلسطينية في الشرق الأوسط وأهمية إيجاد حل عادل لها، وأهمية استشراف ما قد يحدث في المنطقة مستقبلاً، وضرورة إصلاح مجلس الأمن الدولي ليقوم بمهمته الأساسية في حفظ الأمن والسلم الدوليين». ونوه عبداللطيف الزياني بالقدرة التي أظهرتها دول مجلس التعاون في التكيف مع المتغيرات التي حدثت في المنطقة من خلال إصلاحات مؤسسية وقضائية واقتصادية واجتماعية مهمة، وتبني سياسات الإصلاح المتدرج المستند إلى المزاوجة بين تجربتي الحكم الرشيد في كل من الثقافة العربية الإسلامية والثقافة الغربية». وأكد الأمين العام لمجلس التعاون أن دول المجلس، إدراكاً منها لأهمية ضمان أمنها واستقرارها، تبنت مشاريع مشتركة، لتعزيز التعاون والتكامل في مجال العمل الأمني المشترك من بينها إنشاء القيادة العسكرية الموحدة، وإنشاء الشرطة الخليجية، حماية للمجتمعات الخليجية من الجرائم كافة، وإنشاء الأكاديمية الخليجية للدراسات الدفاعية والأمنية والاستراتيجية. وطالب الزياني بوقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، «سواء أكانت تدخلات من دول جوار إقليمي أم قوى دولية»، وقال إن «التدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى يؤدي إلى خلق مشكلات مفتوحة في نهاية الأمر، خصوصاً أن المتدخل في شؤون الآخرين، وفي سبيل تعظيم نفوذه الإقليمي يسعى وعبر وكلائه المحليين إلى تدعيم مصالحه». ... واستطاعت أن تتصدى للمنظمات الإرهابية شدد الأمين العام لمجلس التعاون على أهمية مواجهة التطرف والحركات الإرهابية ومن يدعمها، مشيراً إلى «أن دول مجلس التعاون استطاعت عبر مبادراتها وتعاونها الفعال وتنسيقها المستمر مع الدول الصديقة أن تحارب الفكر المتطرف وتتصدى لمنظمات وشبكات وخطط إرهابية شكلت تهديداً كبيراً ليس للمنطقة فحسب، وإنما للعالم بأسره، وهو ما أسفر عن إجهاض عمليات إرهابية كبيرة، مطالباً بتفعيل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب الذي اقترحت المملكة العربية السعودية تأسيسه في مؤتمر دولي عقد في الرياض»، مشيداً بالتبرع السخي الذي قدمته الحكومة السعودية بمبلغ 100 مليون دولار لدعم أنشطة المركز. وثمن الزياني موقف دول الخليج من عملية الانتقال السياسي والديموقراطي في اليمن من خلال المبادرة الخليجية التي جنبت البلاد الدخول في حرب أهلية، وفتحت الباب أمام تسوية سياسية مهدت لعملية نقل سلمي وديموقراطي للسلطة، معرباً عن «ثقته في أن عقلاء المنطقة وحكماءها لن يتركوها تنجرف نحو مزيد من الفوضى، وسيتعاونون لتعزيز أمن المنطقة واستقرارها».