أدى إغلاق عشرات من أنفاق التهريب الحدودية بين مصر وغزة مطلع الشهر الماضي، الى منع وصول بعض البضائع، لكنه لم يؤثر سوى «جزئياً» على اقتصاد القطاع. وأغلقت السلطات المصرية العشرات من هذه الأنفاق التي تُستخدم للالتفاف على الحصار الذي تفرضه اسرائيل على القطاع منذ سيطرة حركة «حماس» عليه في حزيران (يونيو) 2007، بعد مقتل 16 من حرس الحدود المصريين في هجوم شنته مجموعة مسلحة في الخامس من آب (اغسطس) الماضي. وقال علاء الرفاتي، وزير الاقتصاد في حكومة «حماس» في غزة، إنه «حتى الآن لم يظهر اي نقص في السلع» منذ اغلاق مصر اكثر من مئة وعشرين نفقاً على الحدود، الذي «أثر جزئياً» على اقتصاد القطاع، على حد قوله. واضاف أن «الاعتماد على الأنفاق كان كاملاً في الفترة التي كانت فيها المعابر مغلقة (...) لكنه الآن بنسبة خمسين في المئة»، مشيراً الى ان الخمسين في المئة الاخرى تأتي «من الجانب الاسرائيلي» عبر معبر كرم ابو سالم. وأشار الى ان «حجم التبادل التجاري عبر معبر كرم ابو سالم بلغ حوالى 1.6 مليار شيكل (حوالى 397 مليون دولار) في الاشهر الستة الماضية». يؤكد أصحاب الأنفاق الفكرة ذاتها، ويقول أبو أنس، وهو صاحب نفق لتهريب الوقود: «تأثرنا بعد عملية سيناء ولكن ليس بشكل كبير»، موضحاً ان «البترول لم يتأثر كثيراً، لأنه يهرَّب بواسطة خراطيم ممدودة تحت الارض». ويقر الرجل بوجود «مضايقات للعمل في الأنفاق أدت الى تقليل عدد العمال فيها الذي تراجع الى اكثر من النصف». ويتابع ابو أنس أن «الأنفاق التي تأثرت بشكل كبير هي أنفاق مواد البناء وأنفاق البضائع والمسافرين». ويؤكد هذا الأمر أبو محمد، صاحب نفق لتهريب مواد البناء، مشيراً الى ان «دخول الحصى تأثر لأن اخواننا المصريين منعوا وصوله للأنفاق وأقفلوها». ويشير الرجل، الذي هُدم نفقه المخصص لنقل الحديد والأسمنت، بأن تم «ردمه من الداخل»، إلى ان «هناك غلاء في الاسعار. اسعار الحصى زادت بعد العمليه لتصبح 150 شيكل (حوالى 37 دولار) للطن الواحد بدلاً من ستين شيكل (15 دولارا)، لأنه لا يمكن إدخالها عبر الأنفاق حالياً». وأوضح الرفاتي أن اسرائيل «ما زالت تمنع دخول مواد البناء» الى القطاع الفقير، الذي يبلغ عدد سكانه حوالى 1.3 مليون نسمة ويشهد دماراً كبيراً بسبب الغارات الإسرائيلية. لكنه أضاف أنه على الرغم من تراجع الكميات التي تدخل عبر الأنفاق، تضم السوق «كميات مناسبة من مواد البناء تكفي على الأقل لشهرين او ثلاثة تغطي حاجة السوق». ويؤكد ابو جهاد، الذي يملك اربعة أنفاق أُغلقت ثلاثة منها، أن «أغلب الأنفاق القريبة من الحدود المصرية التي يبلغ طولها بين مئتين و300 متر، والخاصة بنقل الحصى وواضحة للرؤية، دُمرت جميعاً». ويضيف أن الأنفاق المخصصة للبضائع الاخرى «من الصعب ان تعمل كما في السابق، لأن الجيش والاستخبارات المصرية منتشرين على الجانب الاخر (...) وهناك مضايقات يومية من الاستخبارات المصرية». ويشير الرجل، الذي كان يشرف على 12 عاملاً في كل نفق، الى «حديث عن قانون جديد يفرض عقوبات في حق اصحاب الأنفاق، حيث يُحبس من يتم اعتقاله في التهريب عبر الأنفاق لمدة 25 سنة»، مؤكداً ان «الكل خائف». ويتابع: «تأثرنا جداً. نعمل الآن ليوم واحد فقط في الاسبوع، والبضائع التي نُدخلها حالياً هي عبارة عن ملابس وحقائب مدرسية وأجهزة كمبيوتر وبعض الاجهزة الكهربائية مثل الغسالات والتلفزيونات». ويؤكد ابو جهاد أن إنشاء نفق واحد «يكلف 300 الف دولار، ودمروا لي ثلاثة أنفاق بالكامل، والله اعلم ما الذي سيقومون به في المرحله القادمة». من جهة أخرى، يرى ابو انس انه في حال «تدمير او اغلاق كل الأنفاق، فإن الضرر سيكون على كامل قطاع غزة، وسشكل كارثة، لأن مصالح جميع الناس مرتبطة بالأنفاق، خصوصاً مواد البناء والبترول والغاز». وتقول مصادر مصرية إن الامن المصري اغلق اكثر من 120 نفقاً على الحدود مع قطاع غزة بعد الهجوم في سيناء. واستبعد المحلل الاقتصادي عمر شعبان، ان يكون هذا عددَ الأنفاق، وقال: «من المستحيل ان تفعل مصر ذلك مرة واحدة، ولكنها تريد تهدئة الرأي العام، على اعتبار ان الأنفاق مصدر العملية، والتحقيقاتُ ستثبت انه لا علاقة للأنفاق بذلك». وبعد ان رأى ان «إغلاق الأنفاق أثر على الاقتصاد الفلسطيني»، قال: «على الرغم من ان تجارة الأنفاق غير شرعية وتُعتبر تهريباً، لكنني لن أكون مضطراً إليها في حال وجود البديل، فالناس تريد ان تعيش». ورأى شعبان ان مصر «ستستمر بالتفاوض مع الجانب الفلسطيني حول الأنفاق لإيجاد بديل شرعي، ولكن هذا البديل في حاجة إلى وقت، والى حينه سيستمر العمل في الأنفاق مع انها لا تعمل كما في السابق». واكد الرفاتي من جهته، ان الشعب الفلسطيني لجأ إلى حفر الأنفاق «لمواجهة الحصار الذي فرضه الاحتلال الاسرائيلي كي يوفر احتياجاته من السلع الغذائية». وكانت حكومة «حماس» قالت عدة مرات إن فتح المعابر بشكل طبيعي امام المسافرين وحركة البضائع سيؤدي بطبيعة الحال الى اغلاق الأنفاق المنتشرة على الحدود مع مصر.