لا يدعو واقع الطاقة الكهربائية في العراق إلى التفاؤل، فوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي أطلقت في الثالث من كانون الأول (ديسمبر) 2011 نتائج مسح باسم «شبكة معرفة العراق» والذي أجرِي بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي وصندوق الأممالمتحدة للسكان. وأظهرت النتائج أن الأسر تحصل على ما نسبته 14.6 ساعة من الكهرباء يومياً، سواء عن طريق شبكة الكهرباء العامة أو المولدات الكهربائية الخاصة بالأسرة أو المشتركة. ويحصل 17 في المئة من الأسر على أكثر من 20 ساعة من الكهرباء يومياً، وتنخفض هذه النسبة إلى ثمانية في المئة في المناطق الريفية. وصنّفت الأسر، بحسب المسح، الكهرباء بأنها أسوأ خدمة، إذ أشار 79 في المئة من الأسر المستطلعة أن هذه الخدمة سيئة أو سيئة جداً. وفي ضوء ذلك فإن طموح وزارة الكهرباء إلى تحقيق ساعات إمداد تصل إلى 24 ساعة يومياً، والارتقاء باستهلاك الفرد العراقي من الطاقة الكهربائية من المعدل الحالي بحدود 1700 كيلوواط ساعة للشخص سنوياً إلى 4000 عام 2015، لن يتحقق لعدم احتمال توافر الغاز بالكميات والنوعية المطلوبة. ومما يعمق هذه الأزمة من دون شك أن نسبة جاهزية قدرات محطات التوليد حسب المعطيات المتوافرة حالياً لا تتجاوز 40 في المئة، في حين أنها تبلغ أكثر من ضعف هذا الرقم في باقي دول العالم. وركزت العقود «الترقيعية» السابقة في مجال التوليد على استخدام الوحدات الغازية بتقنية الدورة البسيطة من دون التفكير باللجوء إلى تقنيات الدورة المركبة لهذه الوحدات كما هو حاصل في الدول العربية وسائر أرجاء العالم. وستكون خطوات على الطريق السليم تلك الإجراءات التي أعلن عنها أخيراً حول التركيز على إنشاء محطات بخارية والانتقال في توليد الكهرباء من توربينات الدورة البسيطة إلى وحدات الدورة المركبة، وهي دعوة صائبة شرط البدء بها فوراً وعدم تركها إلى السنين المقبلة حسب خطط وزارة الكهرباء الحالية. وسيكون الالتزام بتلك التعهدات في سياق تنفيذ الخطة المركزية لتحقيق تجهيز كامل للطاقة الكهربائية إلى المستهلكين في نهاية الخطة الخمسية (أواخر 2014)، هذا إذا توافرت المخصصات المالية المطلوبة لإنجازها بموجب البرامج الزمنية الموضوعة، علماً بأن المخصصات المالية المطلوبة والبالغة خمسة بلايين دولار للعام لتلبية احتياجات إنتاج الطاقة، كما أن المخصصات المطلوبة للنقل والتوزيع لا تقل عن 50 في المئة من المخصصات المطلوبة للإنتاج. من الحلول المرحلية والدائمة الممكنة التي يمكن أن تساهم في حل أزمة الكهرباء في العراق: 1- إعطاء الأولية القصوى لتأمين الغاز الطبيعي بالنوعية والضغط المطلوبين لتحويل تشغيل وحدات التوليد الحرارية والغازية لتعمل بالغاز بدلاً من الوقود السائل. 2- البدء بإعلان مناقصات تحويل استخدام وحدات الدورة البسيطة إلى تقنية الدورة المركبة وعدم ترك ذلك إلى ما بعد عام 2013 لما في ذلك من توفير في الطاقة وتقليل في انبعاثات الغازات السامة. 3- الإسراع في تشكيل المجلس الأعلى للطاقة المقترح للإشراف على إدارة ملف الكهرباء في البلاد. 4- تشجيع إصدار الدوريات لملخصات الطاقة والكهرباء في العراق وخارجه لتهيئة الفرصة للمسؤولين وأصحاب القرار للإطلاع عليها بغرض اتخاذ القرارات الصائبة عند التخطيط للمشاريع. 5- تشجيع عقد الندوات المتخصصة لتشخيص مواقع الخلل والخروج بحلول علمية وعملية من أجل حل مشكلات الكهرباء في شكل جذري. 6- الأخذ في الاعتبار عند وضع البرامج لخطط الوزارة القصيرة المدى، المتوسطة المدى أو البعيدة المدى، التجارب السابقة الخاصة بتنفيذ العقود، وعدم التعويل على سعات اللوحات التصنيعية للوحدات. 7- إجراء تقويمات حقيقية وواقعية لموثوقية المعدات المستوردة من المناشئ كلها وجاهزيتها. 8- وضع إستراتيجية لمتابعة التغيرات الكبرى في الكهرباء عالمياً ومنها دراسة التوجه نحو الطاقات المتجددة البديلة. 9- الاستفادة من تجربة إقليم كردستان في مجال الاستثمار الناجح للغاز في تشغيل محطات الكهرباء. 10- استمرار العمل وتعزيزه بهدف تغيير أنماط الإنتاج والاستهلاك للطاقة من خلال تشجيع تقنيات ونظم ترشيد استهلاك الطاقة، ورفع كفاءة الاستخدام في القطاعات كلها. 11- تفعيل جهود مؤسسات البحث العلمي والجامعات كلها لتطوير تقنيات الحد من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون والغازات السامة الأخرى. 12- بناء قاعدة معلومات للبيانات الخاصة بالكهرباء وتشجيع تبادل المعلومات مع دول الجوار والاستفادة من كل التجارب الناجحة في الدول المتقدمة والنامية. 13- التوسع في إقامة المحطات البخارية وعدم التلكؤ في ذلك بحجة شح المياه. 14- وضع برنامج زمني محدد وتدريجي لإبدال وحدات التوليد المتقادمة جداً والمتهالكة والتي تتدهور جاهزيتها وكفاءتها وترتفع تكاليف تشغيلها وصيانتها. 15- اتخاذ خطوات جادة وعملية لتطوير مشروع الربط الكهربائي مع مؤسسات وهيئات الكهرباء العربية والأجنبية للاستفادة من التغطية الكهربائية في حال الطوارئ أو العجز في التوليد. 16- الاهتمام بإضافة الشبكات الهوائية والكابلات الأرضية وتعزيزها على مستوى مختلف أنواع الجهد الكهربائي ورفع كفاءة الموجود منها لتحسين الأداء الكهربائي ورفع كفاءته، فالتنمية الاقتصادية لأي بلد لا يمكن أن تحقق إلا بتأمين طاقات توليد كافية وشبكات نقل وتحويل وتوزيع تناسب هذه التوسعات. ويجب معالجة الهدر في النظام الكهربائي ودراسة مشكلات القدرة المعاكسة. 17- الاستفادة من التجربة العالمية والعربية في شكل خاص في مجال التوليد العام والخاص وفي مجال الإنتاج المشترك للكهرباء. * كاتب متخصص في شؤون الطاقة - بغداد