على رغم الاتفاق على إنشاء هيئة عليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار في القارة الإفريقية منذ العام 2005، إلا أن هذه الهيئة لم تُفعّل إلا منذ أيام قليلة عندما استضافت مكتبة الاسكندرية الاجتماع الأول لها. أنشئت الهيئة بهدف مراجعة خطة العمل الإفريقية الموحدة للعلوم والتكنولوجيا التي اعتمدها المؤتمر الوزاري الإفريقي الثاني في شأن العلوم والتكنولوجيا في أيلول (سبتمبر) 2005. وتهدف خطة العمل الإفريقية الموحدة للعلوم والتكنولوجيا إلى تطوير العلوم والتكنولوجيا ووضعها في خدمة التحوّل الاجتماعي الاقتصادي للقارة، ودمجها في الاقتصاد العالمي. ومن المقرّر عرض تقرير اجتماع الهيئة حول مراجعة خطة العمل الإفريقية الموحّدة للعلوم والتكنولوجيا خلال «المؤتمر الوزاري الإفريقي للعلوم والتكنولوجيا» في دورته المقبلة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 في الكونغو. مشاكل أفريقية مستعصية تضمّ «هيئة الاتحاد الإفريقي العليا للعلوم والتكنولوجيا» ثمانية أعضاء من العلماء البارزين وخبراء من دول الإفريقية. ويترأس الهيئة الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور كاليستوس جوما، أستاذ التنمية الدولية في جامعة هارفرد. وألقى جوما محاضرة على هامش الاجتماع تحت عنوان «القفزات التكنولوجية في إفريقيا: إصلاح السياسات في عصر الحراك السياسي». وأعرب عن قناعته بأن العلوم والتكنولوجيا يمكن أن تساهم في التوصّل إلى حلول ناجعة لعدد كبير من التحديات التي تواجهها القارة الإفريقية، مبيناً أن هناك مجموعة من القفزات التي شهدتها القارة في مجال التكنولوجيا ساهمت في التغلّب على عدد من المشكلات الأفريقية المعقّدة. وأكد جوما أن المعرفة التكنولوجية تنمو على هيئة متواليات هندسية وليس بصورة متواليات حسابية خطية، إذ ترث الأجيال الجديدة عن سابقاتها كماً معرفياً أكبر مما ورثته الأخيرة عن التي قبلها. ودلّل على ذلك بمثال من الصين التي تمكنت من تحقيق تقدم هائل في وقت قصير، لأنها ورثت المعرفة من اليابان وغيرها من الدول في شكل أسرع من استفادة اليابان من معرفة الدول التي سبقتها في التقدم والنمو. وشدد جوما على أنه استناداً إلى هذا المنطق، يمكن للدول الإفريقية تحقيق نمو كبير في شكل أسرع من الصين، لافتاً إلى وجود مؤشرات تدل على قابلية تحقيق ذلك. وأكد أهمية قيام الدول الإفريقية ببناء قدراتها في مجال الهندسة والحواسيب، مبيناً أن الصين انتبهت لهذا الأمر، فاستثمرت بقوة في إنشاء مدارس وأكاديميات لهندسة الحواسيب، إضافة إلى تدريب عدد كبير من المهندسين في هذا المجال. وأضاف جوما أن نمو القارة الإفريقية يرتبط بالقدرة على توظيف المعرفة التكنولوجية في التجارة والاستثمار، وإنشاء أسواق كبيرة وهيئات للتجارة الإقليمية، والتأكد من استعداد رؤساء الدول والقادة للتعاون مع بعضهم بعضاً في العلوم والتكنولوجيا، مع توافر إهتمام لدى هؤلاء القادة بتطوير العلوم والتكنولوجيا في بلادهم. وأشار جوما إلى أن إثيوبيا، على سبيل المثال، تعتبر من الدول التي بدأت تحقيق نمو سريع في الاستثمار في البنى التحتية للعلوم والتكنولوجيا. وأضاف أن هناك استثمارات بقيمة نحو 12 بليون دولار في مجال التكنولوجيا والإنترنت في القارة الأفريقية يأتي 75 في المئة من هذه الاستثمارات من أفريقيا.