دخلت الاستثمارات السعودية في مكةالمكرمة نفقاً مظلماً، خصوصاً أنها تعتمد على جني الأرباح من خلال المسلمين المتدفقين صوب العاصمة المقدسة في المواسم الدينية. وأثار إعلان وزارة الصحة الإيرانية أمس منع معتمريها من السفر إلى السعودية في شهر رمضان المبارك أسوة بنظيرتها التونسية مخاوف طاولت الأوساط الاقتصادية في مكةالمكرمة. واعتبر نائب رئيس لجنة الحج والعمرة في غرفة تجارة وصناعة مكةالمكرمة طلعت تونسي، قرار منع دخول المعتمرين الإيرانيين «ضربة قوية» للمستثمرين السعوديين في قطاع الحج والعمرة، «تدخل معها السوق منعطفاً خطيراً، خصوصاً في ظل غياب نحو نصف مليون معتمر إيراني، كانوا يشكلون دعامة للسوق». وزاد: «على رغم وجود أكثر من 100 معتمر إيراني في مكةالمكرمة والمدينة المنورة حالياً، إلا أن توقف سيل المعتمرين الإيرانيين المتدفق صوب المدينتين الدينيتين في ظل انخفاض أعداد المعتمرين التونسيين يهدد بانخفاض الأرباح وتراكم الخسائر». وعزا تونسي تفاعل بعض الدول الإسلامية مع انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير بصورة سلبية، إلى وهن اقتصاداتها، «التي تعاني من أزمات طاحنة دفعت بعض الحكومات إلى استثمار انتشار الأنفلونزا بصورة سلبية، عبر منع خروج السيولة بصورة غير مباشرة». هذا، وطغى الخطاب الديني على حديث عضو اللجنة الوطنية للسياحة والفنادق والنقل خليل بهادر، إذ استشهد بحادثة أبرهة، مؤكداً أن حماية الحجاج والمعتمرين مهمة إلهية، مشدداً على خلو السعودية من إصابات أنفلونزا الخنازير، مستشهداً ببيان صدر عن وزارة الصحة يؤكد علاج جميع الحالات التي ظهرت عليها أعراض الإصابة بالفيروس. وزاد: «سيؤدي هذا القرار إلى تفاقم الخسائر في المواسم الدينية المقبلة لتصل إلى نحو 60 في المئة». ويخالفه الرأي رئيس اللجنة العقارية في غرفة التجارة والصناعة في مكةالمكرمة الشريف منصور أبورياش، الذي أكد أن إشغال الفنادق في موسم العمرة يعتبر «جزئياً»، مشيراً إلى أن تداعيات هذا القرار ستطاول الفنادق المؤهلة، «ولكن التأثير على المستوى الوطني يتجلى في عمليات الإصحاح البيئي، وكلما قلّت أعداد المعتمرين والحجاج ضعف احتمال انتقال عدوى الإصابة بفيروس أنفلونزا الخنازير ومفعوله، وأرى أن التحجيم الملاحظ حالياً في أعداد الحجاج والمعتمرين يخدم مصلحة الوطن العامة، وقدر السعودية أنها تعمل لخدمة المسلمين والحجاج، لذا علينا احتساب تكبدنا سلسلة من الخسائر جراء إسهام بعض الدول الإسلامية معنا في الحد من انتشار هذا الفيروس المخيف لنخفف وطأة انتشاره داخل السعودية وخارجها، كي لا نتحول إلى بلد مصدّر له، ينقله الحجاج عند خروجهم من بلدنا إلى بلدان العالم كافة، ولا يمكن إنكار الخسائر الجمة التي ستترتب على شح أعداد القادمين في موسم هذا العام، إلا أن المصلحة العامة تقفز على جميع المصالح المادية». وعلى خط موازٍ، يرى عضو اللجنة العقارية الوطنية بندر الحميدة أن تزامن الإجازة الصيفية في السعودية مع شهر رمضان المبارك، يمثل فرصة كبرى لزيادة نسبة المعتمرين من الداخل، «وبالتالي تعويض جزء من الخسائر التي ستطاول المستثمرين في مكةالمكرمة والمدينة المنورة»، لافتاً إلى أن جميع المستثمرين موقنون بتأثر استثماراتهم هذا العام بعد انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير، إلا أن التأثير وقتي ولن يستمر أكثر من عام، «وبالتالي لا خطر على الاستثمارات السعودية في المدينتين المقدستين، خصوصاً وهي استثمارات طويلة الأجل لن يتأثر مستقبلها بهذه الزوبعة التي ستؤثر عليها بنسبة تقارب 45 في المئة».