ما الجديد في العام الدراسي الجديد؟ لعل هذا السؤال هو الأهم الذي يتكرر في مجالس السعوديين كل عام في مثل هذا الوقت، فأولياء الأمور والطلاب والتربويين والأكاديميين وصناع القرار وأصحاب الشركات والمصانع معنيون جميعاً بشكل أو بآخر بتطور التعليم وتحسين مخرجاته. وعلى مرّ سنوات عدة مضت بقيت الإجابة محبطة «لا جديد»، فبدءاً بمشكلة المباني المستأجرة المتهالكة والضيقة وتجاوز عدد الطلاب داخل الفصول العدد المسموح به حتى في المدارس الحكومية الحديثة، مروراً بارتفاع نصاب المعلمين، وتدني مستوى بعضهم وندرة تدريبهم وتأهيلهم، وانتهاءً بضعف صلة المناهج بحاجات المجتمع والسوق، فضلاً عن اعتماد أسلوب التعليم على التلقين بطريقة «ببغائية»، تفتقر كل عناصر التشويق والإثارة، تُعاد إسطوانة الحديث عن هذه العوائق وأخرى كثيرة غيرها في التعليم العام السعودي، وتُعطى الوعود بالعمل على التغلب على هذه المشكلات وتطلق المبادرات التطويرية وتعقد المؤتمرات والندوات الدولية بمشاركات عالمية، ولكن من دون أثر ملموس على الميدان التعليمي، إذا استثنينا تضاءل الاعتماد على المباني المستأجرة إلى نحو 22 في المئة من إجمالي عددها، بعدما كانت تمثل 41 في المئة من المدارس قبل ثلاثة سنوات فقط. لكن خيبة الأمل من إمكان نجاح وزارة التربية والتعليم في تطوير التعليم تبقى الأكبر هذا العام، فمع بداية هذا العام الدراسي يكون الوقت انقضى بالكامل على المهلة الممنوحة للوزارة، لإنجاز مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم «تطوير» الذي خصص له خادم الحرمين الشريفين في العام 1426 نحو 9 بلايين ريال، لإحداث تطوير نوعي حقيقي للتعليم في البلاد على أن يُنجز خلال ست سنوات، لكن القائمين على المشروع لم ينجزوا سوى شراء مبنى خاص للمشروع وإنشاء شركة بمسمى شركة تطوير القابضة، إضافة إلى تجهيز بضع عشرات من المدارس حول السعودية بسبورات ذكية وأجهزة عرض (بروجكتر) وتوزيع أجهزة حاسب على الطلاب في تلك المدارس. في حين أن الغالبية الساحقة من مدارس السعودية لم ينلها نصيب من أهداف مشروع «تطوير»، فضلاً عن أن الغالبية الساحقة من المعلمين لم تتلق دورات تدريبية محترفة قادرة على إحداث فرق في الأداء. وبعيداً عن مشروع «تطوير» الذي لم تعلن الوزارة جديداً يستحق الذكر في ملفه، أعلنت الوزارة أن عدد المقاعد الدراسية التي تسعى وزارة التربية والتعليم إلى تغطية حاجاتها للعام الدراسي المقبل 1433/1434ه 250 ألف مقعد دراسي بكلفة إجمالية قدرها 33 مليون ريال، فيما تم سد حاجة 3000 فصل دراسي من السبورات العادية بكلفة إجمالية بلغت 3 ملايين ريال. وأشارت الوزارة في وقت باكر قبل بداية العام الدراسي أن الإدارة العامة للتجهيزات المدرسية تمكّنت من رفع جاهزية 700 مركز مصادر تعلم تقني بكلفة 51 مليون ريال، وتم تجهيز فصول تقنية تشمل السبورة التفاعلية وملحقاتها بكلفة 14 مليون ريال وبعدد إجمالي بلغ 2000 فصل، مضيفاً أن الوزارة أنهت تجهيز 472 مختبر مدرسي في مدارس البنات بكلفة 18 مليون ريال. وكانت الوزارة أعلنت تجهيز 3141 مدرسة ابتدائية للبنين والبنات بمناضد علمية شاملة الوسائل التعليمية التي تحتاجها المناهج الجديدة بتكلفة 26 مليون ريال، فيما ذكرت أنه تم إنجاز 7 في المئة من مراحل تنفيذ هذا المشروع، وإنجاز ما نسبته 80 من مشروع تجهيز خمس إدارات للتربية والتعليم بقبب علمية بكلفة بلغت 5 ملايين ريال. وشددت الوزارة في وقت سابق على حرصها سد حاجة المدارس من آلات التصوير أيضاً، إذ بلغ إجمالي ما يتم توزيعه حالياً على مدارس التعليم العام وفق الحاجة 4200 آلة تصوير لجميع المراحل الدراسية بكلفة 14 مليون ريال، مشيراً إلى أن الوزارة أنهت تجهيز 2650 مدرسة ثانوية بمختبرات افتراضية بكلفة 3 ملايين ريال. ومن بين ما اعتبرته الوزارة مميزاً في استعدادات هذا العام الدراسي تأمين حقائب لمادة الرياضيات للمرحلة الابتدائية بعدد 4500 حقيبة شاملة جميع الوسائل، التي يتطلبها منهج الرياضيات للمرحلة الابتدائية بتكلفة إجمالية بلغت 6 ملايين ريال كمرحلة أولى، وتنفيذ المرحلة الثانية من مشروع تأمين مختبرات افتراضية للمرحلة الثانوية، ويبلغ عددها 3480 مختبراً بكلفة 4 ملايين ريال، إضافة إلى تأمين 1161 مختبراً حاسوبياً للمرحلة الثانوية بعدد 1161 بكلفة إجمالية 11 مليون ريال. أما وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد، فاعتبر أن أكثر ما يؤرق الوزارة هي المدارس المستأجرة واستكمال التحول إلى مبانٍ حكومية في مناطق ومحافظات المملكة كافة. وقال الأمير فيصل بن عبدالله خلال اجتماع قبل أيام مع قيادات في الوزارة وإدارات التربية والتعليم للوقوف على الاستعدادات لبداية العام الدراسي: «إن انخفاض مستوى المباني المستأجرة إلى 22 في المئة بعد أن كانت 41 في المئة قبل ثلاثة أعوام هو دليل على الاتجاه نحو تحقيق ذلك الهدف بعزيمة». ونبّه الوزير إلى نقطة تأخر توفير الكتب الدراسية التي ترافق بداية الأعوام الدراسية الأخيرة، وقال: «لن أقبل بأي حال من الأحوال أن يبدأ العام الدراسي وهناك نقص في كتب أو عدم توافر مقاعد دراسية، وهي متطلبات أساسية لا تتم العملية التعليمية من دونها»، مؤكداً أنه «لا تهاون أبداً في أداء الأدوار من الجميع، والسعي إلى تقديم أفضل الخدمات للمستفيدين من مدارس التعليم العام».