انتقد العاهل المغربي الملك محمد السادس ما وصفه ب «تمادي السلطات الجزائرية في الإغلاق الآحادي للحدود البرية» المشتركة بين البلدين. ودعا في خطاب وجهه أمس في مناسبة الذكرى العاشرة لتوليه العرش إلى «تجاوز المواقف المتقادمة والمتناقضة مع روح الانفتاح في القرن الواحد والعشرين»، بيد أنه شدد على إرادة بلاده الصادقة في «تطبيع العلاقات المغربية - الجزائرية»، مؤكداً أن ذلك سيساعد في «توفير ظروف تفعيل العمل المغاربي المشترك كخيار استراتيجي لتحقيق تطلعات شعوبه الخمسة في التنمية المتكاملة والاستجابة لمتطلبات الشراكة الإقليمية وعصر التكتلات الدولية». وقال الملك محمد السادس إن موقف السلطات الجزائرية «يتنافى والحقوق الأساسية لشعبين جارين شقيقين في ممارسة حرياتهم الفردية والجماعية»، واصفاً إياه ب «المؤسف». بيد أنه جدد التزام بلاده التعاون وجهود الأممالمتحدة لإنهاء نزاع الصحراء من خلال الوصول إلى حل سياسي وفاقي ونهائي «للخلاف الإقليمي حول مغربية صحرائنا». وقال بهذا الصدد: «نؤكد تشبثنا بمبادرة الحكم الذاتي لجديتها وصدقيتها المشهود بها دولياً»، موضحاً أن ركائزها تقوم على «ضمان حقوق الإنسان وتحقيق المصالحة ولم الشمل بين كافة أبناء صحرائنا». وأعلن العاهل المغربي أنه يعتزم المضي قدماً في سياسة منح كافة أقاليم المملكة صلاحيات أوسع في إدارة الشؤون المحلية، ضمن ما يُعرف بالنظام الجهوي، موضحاً أنه سيتم التصديق على لجنة استشارية تبحث في أفق تكريس هذا الخيار. ودعا إلى التفكير العميق في جعل الأقاليم الصحراوية تمثّل نموذجاً لجهوية متقدمة، كما طلب الى حكومة رئيس الوزراء عباس الفاسي تشريع إقرار «ميثاق اللامركزية الإدارية». وقال: «لا جهوية ناجحة من دون لا تمركز يتجاوز العقليات المركزية المتحجرة». ورأى أن رهان بلاده على النظام الجهوي واللاتمركز الواسع «يُعتبر محكاً حقيقياً للمضي قدماً في إصلاح وتحديث هياكل الدولة». وصارح العاهل المغربي شعبه في خطاب أمس بأن ما اعترض مسار البناء الديموقراطي من عوائق واختلالات «يتطلب الانكباب الجاد على إزاحتها وتصحيحها لاستكمال بناء مغرب الوحدة والديموقراطية والتنمية وتأهيل بلادنا لرفع تحديات سباق عالمي مشحون بشتى الإكراهات والتحولات». وأضاف: «مهما كان الطريق شاقاً وطويلاً فلن يزيدنا إلا إصراراً على المضي قدماً». وعرض الملك محمد السادس إلى العلاقات العربية والإسلامية، فأكد أن المغرب سيواصل جهوده لتعزيز أواصر الأخوة عبر إعطائها مضموناً اقتصادياً ومن خلال نصرة القضايا العادلة. وقال «سنواصل عملنا كرئيس للجنة القدس لصون هويتها ووضعها كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة، كاملة السيادة، مؤكدين انخراطنا في إجماع المجتمع الدولي على رؤية (حل) الدولتين ومرحبين بالتزام الإدارة الأميركية الحل العادل وما يقتضيه من مستلزمات وتوافقات». واستقبل الملك محمد السادس أمس قيادياً منشقاً عن جبهة «بوليساريو». وذكرت مصادر رسمية أن الوزير السابق المستشار في رئاسة «الجمهورية الصحراوية» أحمد ولد سويلم الذي يُعتبر من القادة المؤسسين ل «بوليساريو»، اختار العودة إلى المغرب «استجابة لنداء العودة». في غضون ذلك، استفاد أكثر من 24 ألف سجين من عفو أصدره العاهل المغربي في «عيد الجلوس». واستفاد 16 ألفاً من هؤلاء من عفو شامل، فيما خُففت العقوبات عن الآخرين. من جهة أخرى، تعززت حكومة رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي بانضمام حزب الحركة الشعبية ذي النزعة الأمازيغية إليها. واستقبل العاهل المغربي الملك محمد السادس أول من أمس في مقر إقامته في الحسيمة على الساحل المتوسطي منتسبين إلى أحزاب سياسية وعيّنهم في المناصب الآتية: محمد العنصر زعيم الحركة الشعبية وزير دولة، بن سالم حميش القيادي في الاتحاد الاشتراكي وزير الثقافة، منصف بلخياط وزير الشباب والرياضة، محمد أوزين كاتب دولة في الخارجية. وجاءت التعيينات في سياق تعديل حكومي جزئي لتأمين الغالبية النيابية بعد انسحاب «الأصالة والمعاصرة». إذ أصبح الائتلاف الحكومي يضم خمسة أحزاب هي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي وتجمع الأحرار والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية، وإن كان الوزير أحمد خشيشن القيادي في «الأصالة والمعاصرة» علّق انتسابه إلى حزبه بعد أزمة اندلعت عشية بدء الحملات الانتخابية لاقتراع 12 حزيران (يونيو) الماضي، ما يرجّح استمرار حزب فؤاد عالي الهمة في المعارضة بعض الوقت، أقله حتى الانتهاء من انتخابات ثلث أعضاء الغرفة الثانية في البرلمان (مجلس المستشارين)، وإن كان الراجح ان حكومة الفاسي اصبحت مطمئنة إلى غالبيتها الراهنة.