تشكل الازمة الانسانية الناجمة عن تدفق عشرات آلاف اللاجئين السوريين الى البلدان المجاورة مشكلة كبيرة بالنسبة الى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي تسعى الى توفير ظروف معقولة لايوائهم، وكذلك للدول المعنية التي تتخوف من انعكاسات هذه الازمة على اوضاعها السياسية الداخلية وعلى ظروفها الاقتصادية. ويستعد مجلس الأمن لعقد جلسة على المستوى الوزاري غداً «ستخصص للبحث في الجانب الإنساني من الأزمة السورية رغم الحضور السياسي فيها»، فيما لا يزال الممثل الخاص المشترك الأخضر الإبراهيمي «يحتفظ بأوراقه لنفسه ويتمسك بسرية وتحفظ شديدين متجنباً كشف أسلوبه لمقاربة الأزمة السورية»، بحسب ديبلوماسيين دوليين التقوه في نيويورك. وقال ديبلوماسي غربي إن الابراهيمي الذي سيلتقي مجلس الأمن في اجتماع غير رسمي اليوم، هو الأول منذ اختياره خلفاً للمبعوث الخاص المشترك كوفي أنان، «ليس متوقعاً منه أن يكشف عما في حوزته الآن لأنه لا يزال في صدد جمع المعلومات، وحسب ما نعرفه ليس هناك من خطة لدى الابراهيمي حتى هذه اللحظة». وقال ديبلوماسي غربي آخر إن الاجتماع مع الابراهيمي سيعقد خارج مجلس الأمن، في الدائرة السياسية للأمم المتحدة التي يرأسها جيفري فيلتمان، متوقعاً أن يكون «لقاء تعارفياً بين أعضاء المجلس والابراهيمي الى جانب التعرف الى ما قد يكون فحوى دوره الجديد وشكله إنما لا نتوقع أن يكون هناك خطة متكاملة». وقالت مصادر دولية إن الموفد الدولي «لن يشارك ما لديه من أفكار في هذه المرحلة وهو لا يزال يفكر في مواعيد سفره الى المنطقة». وقالت المصادر إن «لدى الممثل الخاص المشترك أكثر من أداة في يده، وهي بيان خطة العمل الصادر في جنيف، وخطة النقاط الست التي اقترحها أنان»، مشددة على أنه «لن يكمل من حيث توقف أنان إنما سيكون له أسلوبه الخاص». وأضافت أن ولاية الابراهيمي «لا تزال رسمياً مبنية على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو ما يتحدث عن عملية انتقالية وإنهاء العنف». وقال ديبلوماسي مطلع في مجلس الأمن إن وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا والمغرب وتوغو، وهي أعضاء في المجلس، إضافة الى وزيري خارجية تركيا والأردن كدولتين مجاورتين لسورية ومعنيتين بمسألة اللاجئين السوريين سيشاركون في الاجتماع. وأكدت الخارجية الأميركية أن الوزيرة هيلاري كلينتون لن تشارك في الاجتماع بسبب جدول معد سلفاً لرحلات ستقوم بها الى أندونيسيا والصين وتيمور الشرقية وبروناي وروسيا. كما أكدت البعثة الروسية في نيويورك أن وزير الخارجية سيرغي لافروف لن يشارك في الجلسة. وبسبب مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في قمة «حركة عدم الانحياز» في طهران، فإن وكليه جان إلياسون سيمثله في الجلسة. وقال مسؤول أميركي إن «الجلسة الوزارية ستكون فرصة لإجراء المشاورات مع الشركاء الدوليين الأساسيين في شأن الأزمة المستمرة في سورية وبالذات تدهور الوضع الإنساني». وعندما سئل عما إن كان موضوع الممرات الإنسانية في سورية مطروحاً قال المسؤول نفسه «لم نسقط أياً من الخيارات». وحذرت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين من أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا قد يصل الى 200 الف مع استمرار الازمة وان كثيرين آخرين قد يفرون الى الاردن. ووصل عدد السوريين الذين احتشدوا صباح امس على طول الحدود الممتدة على مسافة 900 كلم بين سورية وتركيا الى ما يقارب عشرة آلاف في ظروف بالغة الصعوبة. وذكرت المفوضية ان هناك زيادة في عدد الاطفال الذين يصلون الى المخيمات من دون آبائهم. كما وردت انباء عن تعرض لاجئين من محافظة درعا لقصف جوي او مدفعي خلال عبورهم الحدود الى الاردن. وفي الساعات الاربع والعشرين الماضية عبر اكثر من ثلاثة الاف سوري الى تركيا وسط توقعات بأن يصل سبعة الاف آخرين في الايام المقبلة. وكان وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو طالب الاثنين بتقديم المزيد من المساعدات من الدول الاخرى مع تصاعد ازمة اللاجئين الى تركيا. وباتت مخيمات اللاجئين التسعة التي اقامتها تركيا تكتظ باكثر من ثمانين الفا، ومدارس جنوب تركيا لم تعد تتسع. واتخذت السلطات التركية قراراً بابطاء وتيرة دخول السوريين حتى يتسنى لها اقامة ثلاثة مخيمات جديدة تتسع لثلاثين الفا آخرين. وبدأ تدفق اللاجئين السوريين يلقي بثقله على السكان المحليين الاتراك. وتفيد وسائل الاعلام المحلية منذ بضعة اسابيع عن حوادث تسجل بين اللاجئين السوريين السنّة بمعظمهم، والمواطنين الاتراك من اتباع المذهب العلوي. وفي مخيم الزعتري عند الحدود الاردنية وصل عدد الللاجئين في الاسبوع الماضي الى 10200. وقالت فليمنغ آلافاً آخرين ينتظرون العبور لكن العنف حول درعا القريبة من الحدود يمنعهم. وقال وزير الدولة الاردني لشؤون الاعلام سميح المعايطة ان الازمة تفوق موارد بلاده او جهود مفوضية شؤون اللاجئين او الهيئات الانسانية الاخرى. ميدانيا، تركزت عمليات القصف والاشتباكات بشكل عنيف امس في ريف دمشق في ما يبدو انه جبهة جديدة فتحتها القوات النظامية للسيطرة على العاصمة. وشهدت مدينة جرمانا ذات الغالبية المسيحية والدرزية في ريف دمشق تفجير سيارة مفخخة استهدف مشيعين ما ادى الى مقتل 12 شخصا وجرح 48 بحسب التلفزيون السوري الرسمي، في حين اتهم «المجلس الوطني» السوري النظام بالوقوف وراء التفجير للتغطية على مجزرة داريا. وتعرضت بلدة كفرنبل في محافظة ادلب لقصف عنيف بالطيران وقالت مصادر المعارضة ان عدداً كبيراً من منازل البلدة تم تدميره. فيما استمرت الاشتباكات في حلب حيث تعرض حي العامرية لقصف عنيف من قوات النظام.