تنام ييلينا وأولادها الأربعة على بطانية واحدة في ساحة باستيل في باريس، على غرار عائلات أخرى من غجر الروما، ويكافح الخمسة للبقاء على قيد الحياة من خلال التسول والبحث في حاويات النفايات، في انتظار العثور على عمل... تقيم ييلينا (31 سنة) منذ ستة أشهر على رصيف، وتحمل رضيعها بكل اعتزاز، الى جانب كريستينا (12 سنة) وأندريا (خمس سنوات)، اللتين تقضمان قطع بسكويت قدمتها اليهما عابرة سبيل. وعلى مقربة من ساحة باستيل، تقيم عشرات من عائلات غجر الروما مع ما يقارب عشرين طفلاً، غالبيتهم من رومانيا، في جادة ريشار لونوار، وفق ما تقول جيسيكا، وهي أم في الثالثة والعشرين من العمر، تتحدث باسم رفاقها في البؤس والمعاناة. ويستخدم هؤلاء المشردون مقصورات الهاتف العمومية أماكنَ للنوم، وتنتشر في المكان أغطية وبطانيات وحقائب كبيرة وعربات وألعاب تشهد على وجود أطفال يعيشون هذا الواقع. وتقول جيسيكا وهي تحمل طفلها: «في الليل نشعر بالبرد، وفي النهار يصيبنا الحر الشديد». واتصلت الأم الشابة بالرقم المجاني المخصص للمساعدة على تأمين مكان للسكن، «لكنهم لا يجيبون، أو أنه لا أماكن متوافرة لديهم حالياً»، على حد قولها. ويقول إريك مولينييه رئيس جمعية «سامو سوسيال» التي تعنى بمساعدة المشردين: «في مساكن الطوارئ نستقبل جميع الناس من دون تمييز»، ويضيف: «لكن غجر الروما غالباً ما يأتون مع عائلاتهم، ويبحثون عن سكن دائم، ونحن لا نستطيع ان نساعدهم الا بإنزالهم في فنادق لأوقات محدودة». واستقرت عائلات أخرى في الجانب الآخر من الجادة، قرب ساحة لا ريبوبليك، وفق ما يقول فاسيل ميتيسا، وهو أب لثلاثة أطفال. ويضيف الشاب الثلاثيني: «قيل لنا إن العمل متوافر في فرنسا، فركبت الباص وحضرت». ويقول مارسل ستيوكان، الذي كان يتقاضى يومياً بين خمسة وعشرة يورو في رومانيا: «أريد ان اعمل، أنا عامل بناء، ويمكن أيضاً أن أعمل حداداً أو دهاناً». ويضيف: «الحياة في رومانيا أصبحت صعبة جداً، ونحن مرفوضون هناك». ويرى هؤلاء المهاجرون في إرسال أولادهم الى المدارس اولوية، ويقول ميتيسا: «بكل بساطة، اريد ان يذهب اولادي الى المدرسة». وعاش بعض هؤلاء المهاجرين تجربة الإقامة في ضواحي باريس، لكن بعد الإجراءات التي اتخذتها السلطات الفرنسية في منعهم من اقامة مخيمات، باتوا يفضلون التفرق في مجموعات صغيرة. ويقول ألفيس (33 سنة)، الذي يقر بأنه يقتات من التسول: «هنا لا مشاكل مع الشرطة». أما جان (35 سنة)، فهو -كغيره- يبحث في النفايات عما يمكن أن يسد له حاجاته، ويقول: «انا ابحث عن ثياب». غير ان هذا الاختلاط مع غجر الروما لا يروق أصحاب المقاهي والمطاعم وأصحابها، مثل بولو كونكالفز، الذي يقول: «انهم في كل مكان، لا يكفون عن مطالبة الناس بالمال... لم تعد هذه الساحة ساحة باستيل، بل اصبحت ساحة الغجر». وإزاء هذا الواقع، تشعر المنظمات الإنسانية بالعجز عن المعالجة. (ا ب)