أعلن نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أمس ان بلاده ستتعاون مع الموفد الدولي الجديد الى سورية الاخضر الابراهيمي، متوقعاً ان يعمل هذا الاخير على «عقد حوار وطني» سوري «في اسرع وقت». وقال المقداد بعد لقاء وداعي مع رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سورية الجنرال باباكارغاي باللغة الانكليزية: «ابلغنا الاممالمتحدة موافقتنا على تعيين» الابراهيمي و»نحن نتطلع الى ... معرفة الافكار التي سيقدمها لحلول محتملة للمشكلة هنا». واضاف: «سنتعاون بالتاكيد مع السيد الابراهيمي كما تعاونا مع البعثة العربية والبعثة الدولية». ورد المقداد على اسئلة الصحافيين بالعربية: «لن اقول للابراهيمي قبل وصوله ما يجب ان يفعله، فالرجل خبير دولي. لكنني اعتقد ان فهماً دقيقاً لمجريات الازمة من دون ضغوط دولية عامل اساسي». وزاد: «اعتقد ان الابراهيمي سيعمل على عقد حوار وطني في اسرع وقت ممكن لانه لن يكون هناك منتصر ممن يراهن عليه الغرب في سورية. سورية هي التي ستنتصر بشعبها وقائدها وحكومتها وبحكمة من يتعاملون مع هذا الملف الصعب». واشار الى ان «جزءاً اساسياً من المشكلة في سورية يعود الى التدخل الخارجي في الازمة السورية»، مشدداً على وجوب «ان تتاح الفرصة للسوريين وبقيادة سورية لكي يحلوا مشاكلهم». وتابع ان على الابراهيمي ان «يمارس دوراً فاعلاً في تحديد الاطراف التي لا تريد حل الازمة السورية وبشكل خاص الاطراف التي تسلح وتمد الارهابيين والمتطرفين والسلفيين بكافة الدعم المالي والعسكري، اضافة الى دور دول الجوار». واكد ضرورة اغلاق الملف السوري «لان لدينا مهمات اخرى في سورية في مجال التنمية ومواجهة الاعداء الحقيقيين لشعبنا وامتنا». وانتهت مهمة بعثة المراقبين الدوليين في سورية في 20 آب (اغسطس) بعد قرار من مجلس الامن الدولي. وغادر افراد البعثة سورية خلال الايام الماضية. وقال المقداد ان «سورية كانت تريد استمرار مهمة المراقبين، لكن هذا لم يكن مخطط بعض الاوساط التي لم تكن تريد هذه المهمة». وفيما لم يتحدث المقداد عن قضايا الحوار الوطني الذي تريد دمشق ان يسعى اليه الابراهيمي، لا يتوقع ان تدعم المعارضة السورية فكرة الحوار إلا على أساس «انتقال السلطة». وكان نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل قال في موسكو الثلثاء ان بلاده مستعدة لمناقشة استقالة محتملة للرئيس السوري في اطار حوار بين الحكومة والمعارضة. لكن محللين ومعارضين سوريين قالوا ان اقتراح التفاوض حول استقالة الاسد على طاولة حوار داخلي «لا يملك حظوظا في التحول واقعا في مواجهة التطور الدامي في النزاع الذي وصلت اليه البلاد». وقال توما بييريه، الاستاذ في قسم الدراسات الاسلامية والشرق الاوسط في جامعة ادنبره في اسكتلندا: «انها مناورة جديدة لاضاعة الوقت ... لقد اختار النظام الحل العسكري ولن يتخلى عنه حتى سقوطه. اما بالنسبة الى روسيا، فلا تبدو مهتمة فعلا بمثل هذا المخرج السلمي». وأضاف: «لقد دعمت روسيا اولا الخيار العسكري، معتقدة انه سينجح، كما حصل في الشيشان. وعندما ادركت خطأها، كان الوقت تأخر جداً، اذ ان النظام بات محكوماً بالسقوط». وقالت مصادر سياسية في دمشق ان جميل زار موسكو لمناقشة مشروع قد تتقدم به روسيا الى العلن بموافقة سورية ويقضي باجراء انتخابات رئاسية مبكرة باشراف دولي يشارك فيها من يرغب من المرشحين بمن فيهم بشار الاسد. واضافت المصادر ان الولاياتالمتحدة واوروبا ترفضان مشاركة الاسد في هذه الانتخابات. وقال بييريه، وهو صاحب كتاب عن حزب البعث والاسلام في سورية: «لا يمكن للنظام ان ينظم مثل هذه الانتخابات لان النتيجة ستأتي مهينة للأسد، واعداماً سياسياً حقيقياً». وأضاف: «لا يمكن ان نأمل باجراء انتخابات نزيهة بعد تدمير معظم المدن في البلاد»، مشيراً الى ان «تنظيم الانتخابات يفترض ان النظام يسيطر على معظم الاراضي الوطنية، لكن الوضع لم يعد كذلك». وترى ريما علاف، الخبيرة في الشؤون السورية من مركز «شاتهام» للدراسات الذي يتخذ من لندن مقراً، «قدري جميل اما ارتكب خطأ، واما يندرج كلامه في اطار الدعاية السياسية ليقول ان النظام يريد انقاذ البلاد، وكل ذلك من اجل كسب الوقت». وأضافت: «لطالما قامت سياسة النظام على الاعلان بانه يريد الحوار، لكن لا يمكن المس بالاسد. في كل الاحوال، هذا الطرح يأتي متأخراً. الحوار غير ممكن بعد كل هذه المجازر». وترفض المعارضة السورية اي حوار مع نظام الاسد. وقال عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري المعارض برهان غليون: «كلما اراد النظام ان يربح وقتاً، يتحدث عن الحوار، لكنه لا يفكر لحظة واحدة في وضع حد للحرب على شعبه». وأضاف الرئيس السابق للمجلس رداً على اسئلة وكالة فرانس برس: «لو كان النظام جدياً في اقتراح الحوار، لكان اوقف الحرب. كل ما يقوله يهدف الى غش الرأي العام الدولي عبر جعله يصدق ان هناك اصلاحاً ممكناً. لكن في الواقع، يستمر الجيش في قصف المدن السورية وارتكاب المجازر». وتابع غليون: «على الارض، لا مجال للعودة الى الوراء بالنسبة الى المعارضة»، مشيراً الى انه لا يصدق مقولة اجراء انتخابات رئاسية تعددية مبكرة. ويرى ناطق باسم لجان التنسيق المحلية الناشطة على الارض عمر ادلبي ان «الحديث عن انتخابات مبكرة بعد سقوط الاف القتلى وفي وقت يحتاج الاف الجرحى الى عناية في المستشفيات، امر مهين تماما». ويضيف: «لا نثق بتاتاً بهذا النظام. يجب ان يرحل النظام وكذلك ممثلوه. هذا اقل ما يمكن للمعارضة ان تطلبه بعد سقوط هذا العدد الكبير من الشهداء».