تقترب محاصيل القمح لدى أكبر المنتجين في غرب أوروبا من مستوياتها المسجلة العام الماضي، لكن ذلك لن يكفي لتعويض تراجع المحاصيل في الولاياتالمتحدةوروسيا، ما يثير مخاوف من نقص في الغذاء العالمي. وبلغت الأسعار العالمية للذرة وفول الصويا مستويات قياسية هذا الصيف، بعد ارتفاع مفاجئ دفع أسعار القمح إلى الارتفاع أيضاً، إذ ضربت أسوأ موجة جفاف في 56 سنة المحاصيل الأميركية، في حين أضرّت موجة حارة بمحاصيل الحبوب في روسيا. وخفض مجلس الحبوب الدولي أمس توقعاته للإنتاج العالمي من الذرة والقمح في 2012 و2013 بواقع 26 مليون طن إلى 838 مليوناً للذرة إذ يرجَّح تراجع الإنتاج الأميركي 25 مليون طن إلى 275 مليوناً، وبواقع ثلاثة ملايين طن للقمح إلى 662 مليوناً مع انخفاض متوقع في روسيا بواقع أربعة ملايين طن إلى 41 مليوناً، وهو مستوى يقل عن ما أنتجته روسيا بعد موجة الجفاف الحادة السابقة في 2010. ويثير ارتفاع الأسعار المخاوف من أزمة، تشبه تلك التي وقعت عامي 2007 و2008. وتتقدم محاصيل المنتجين الرئيسين في أوروبا نحو مستويات مماثلة لمستويات العام الماضي، لكن ربما تنقص كميات القمح العالي الجودة الصالح لصنع الخبز. ولن تُسجّل فوائض من محاصيل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، للمساعدة في تخفيف المشاكل الناجمة عن نقص في محاصيل روسيا وأميركا الشمالية. روسيا وخفضت روسيا الدولة الثالثة المصدرة للحبوب في العالم، تقديراتها لمحصول هذه السنة، لكنها سعت إلى طمأنة الأسواق العالمية المتضررة أصلاً بالجفاف في الولاياتالمتحدة باستبعادها فرض حظر على التصدير. وأعلن وزير الزراعة الروسي نيكولاي فيدوروف، أن روسيا «خفّضت تقديراتها لمحاصيل الحبوب هذه السنة، إلى 75 مليون طن في مقابل 80 مليوناً في الأرقام السابقة». واعتبر في مقابلة مع محطة التلفزيون «فيستي - 24 «، أن «الحديث عن 80 مليون طن لم يعد مناسباً». ورأى أن «الأجواء غير مناسبة حالياً». وفي مواجهة هذه العوامل، خفّضت روسيا تقديراتها مرة أولى لكن المحللين كانوا يتوقعون خفضاً جديداً. وبلغ حجم محصول الحبوب عام 2011 في روسيا 92 مليون طن. وحول محصول القمح وحده، خفضت وزارة الزراعة الأميركية التي تنشر تقارير شهرية عن تقديراتها العالمية للمحاصيل في العاشر من آب (أغسطس) تقديراتها مجدداً، وتوقعت «43 مليون طن أي اقل من هذه السنة بستة ملايين طن عن التقديرات السابقة». لكن الوزير الروسي أكد أن «هذا الرقم لا يخيفنا»، مشيراً إلى أن «محصول عام 2010، وهي السنة التي ضربت خلالها موجة جفاف وحر لا سابق لها، بلغ نحو 60 مليون طن». وأعلن رئيس الاتحاد الوطني لمنتجي الحبوب بافل سكوريخين في مقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا»، أن روسيا «تصدّر تقليدياً القمح إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». فرنسا وأشارت الهيئة الحكومية الفرنسية «فرانس اغريمير»، إلى أن «لاحتمال تكرار هذا السيناريو أثراً كثيراً على سوق القمح في الأسابيع الأخيرة». لكن فيدوروف رأى أن الوزارة «تعارض أي إجراءات تحد أو تدمر السوق العالمية»، معتبراً أن هذا النوع من المبادرات «يؤدي إلى ارتفاع أسعار الاستهلاك». وأكد أن روسيا «تملك إلى جانب هذا المحصول، احتياطاً من الحبوب يبلغ 17 مليون طن». وقال: «لأن الاستهلاك الداخلي للحبوب يبلغ نحو سبعين مليون طن، يمكننا أن نعول على احتمالات التصدير خصوصاً تصدير القمح». وفي موقف كوري جنوبي، أعلن مكتب الرئيس الكوري لي ميونج باك في بيان، أن الرئيس أرسل خطاباً إلى الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، ل «تكثيف الجهود المشتركة لتحقيق الاستقرار في أسعار الحبوب العالمية». وأشار إلى أن لي «اقترح خمسة إجراءات تشمل عمل مجموعة العشرين معاً، لتخفيف قيود التصدير على المواد الغذائية وفرض مزيد من الضوابط على المضاربة في المواد الخام». ووصف المحلل جيمس دانسترفيل من «أغرينيوز» مقرها جنيف الوضع، بأن «الاتحاد الأوروبي لن يكون المنقذ من نقص المحاصيل في العالم». الاتحاد الأوروبي ويبدو أن المحصول الأوروبي صمد في شكل جيد في مواجهة ظروف غير مواتية. وأفادت تقديرات شركة «استراتيجي غرينز» الفرنسية، بأن إنتاج الاتحاد الأوروبي من القمح اللين المستخدم في صنع الطحين والخبز «بلغ 125.3 مليون طن أي أقل بنسبة ثلاثة في المئة فقط عن العام الماضي». وأعلن تاجر حبوب ألماني، أن «إمدادات قمح الطحين ستكون كافية عموماً، من محصول هذا الصيف لكن ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية يعني ارتفاع أسعارها». ويُعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر منتج في العالم للقمح اللين، وسيساهم محصوله هذه السنة، في نحو 18.9 في المئة من إنتاج القمح العالمي هذه السنة، المتوقع أن يبلغ نحو 662 مليون طن. ويقارن ذلك مع محصول العام الماضي البالغ 128.7 مليون طن أي 18.5 في المئة من المحصول العالمي البالغ 695 مليون طن. وفي المغرب، مددت الحكومة موسم شراء القمح اللين المحلي لمدة شهر في علامة جديدة على أن المغرب يحاول شراء الوقت قبل بدء أكبر حملة استيراد منذ 30 سنة. وأعلنت وزارة الزراعة، أن الحملة الوطنية لشراء المحصول المحلي من القمح اللين ستستمر حتى نهاية أيلول (سبتمبر) المقبل، وعزت ذلك إلى «تحسن في جودة المحصول».