ربما كان المعنى أقرب الى الفهم إذا كتبته بلغة عامية وهو «ما في شي يضحِّك»، والعبارة تعود الى الملكة فكتوريا، وقالتها في الأشهر الأولى من القرن العشرين تعليقاً على محاولة أحد نبلاء القصر تقليد طريقتها في الكلام. كنت أعيد ترتيب الكتب في مكتبة البيت عندما وقعت على كتاب عندي منذ 25 سنة عنوانه «أشهر أقوال القرن»، والمقصود القرن العشرين، صدر للمرة الأولى سنة 1984، أي أنه لا يضم أقوال السنوات الست عشرة الأخيرة، ومؤلفه الكاتب الانكليزي نايجل ريس. لن أقول ما أشبه اليوم بالبارحة، فهناك سقوط سياسي في كل بلاد الدنيا، ولا أتحدث عن بلادنا حتى لا أزيد وجع قلب القارىء، وإنما أختار الدولة العظمى إياها، أي الولاياتالمتحدة، فالرئيس وودرو ولسون أعيد إنتخابه لولاية ثانية سنة 1916 وشعاره أنه حكيم أبقى اميركا خارج الحرب، فلم يكد يُنتخَب حتى أدخل اميركا الحرب العظمى الأولى تحت شعار: يجب أن يكون العالم مأموناً (لتسود) الديموقراطية. في أوائل 2001 دخل جورج بوش الابن البيت الأبيض وشهرته أنه إنعزالي لا يحب المغامرات الخارجية، وجاء إرهاب 11/9/2001 فخاض حروباً خاسرة تحت شعار «الحرب الوقائية». أما شعاره الآخر «أجندة الديموقراطية» فأدّى الى نتائج كانت عكس الشعار تماماً. أختار من أشهر عبارات القرن الماضي: - كيف حال الامبراطورية؟ قالها الملك جورج الخامس على فراش الموت. - تكلَّم بنعومة ولكن إحمل عصا غليظة، وأصلها مثل شعبي إشتهر على لسان تيودور روزفلت. - الشيء الوحيد الذي يجب أن نخافه هو الخوف نفسه، وقالها الرئيس فرانكلين روزفلت سنة 1933 والإنهيار الاقتصادي العالمي في أسوأ مراحله. - كم فرقة حربية عنده؟ كان سؤال ستالين سنة 1935 عندما قيل له أن يُهادن الكنيسة الكاثوليكية ليكسب البابا. - النصر له مئة أب، الهزيمة يتيمة، كلام إستعاره جون كنيدي من الكونت تشيانو، وزير خارجية موسوليني، بعد فشل غزو كوبا عبر خليج الخنازير. - كيف تحكم بلداً فيه 246 نوعاً من الجبنة؟ من كلام شارل ديغول. - تحيا كيبيك حرة، لديغول أيضاً. - هل باريس تحترق؟ سؤال كرره هتلر وهو يخسر الحرب، ولم ينفذ الجنرالات الألمان طلبه. - في ميدان النزاع بين البشر لم يحدث إطلاقاً أن كان مثل هذه الكثرة مَدينٌ بهذا الحجم لمثل هذه القلة، وهذا تعليق ونستون تشرتشل على صمود الطيران البريطاني في «معركة بريطانيا» وصدّ الهجوم النازي. من الأقوال خارج السياسة في القرن الماضي: - التاريخ هراء، وهذا رأي صانع السيارات جون فورد. -لا يكفي أن يُحكَمَ بالعدل، بل يجب أن يرى الناس الحكم بالعدل، وهذا رأي اللورد هيورات، رئيس القضاء البريطاني الأسبق. - «كاتش 22» لا أجد ترجمة لها الى العربية، وهي من رواية جوزف هيلر التي أصبحت فيلماً مشهوراً، وتتحدث عن قرب نهاية حرب فيتنام بخسارة اميركا، وعبث الغارات الجوية، فالطيار لن يقوم بغارات إذا كان مجنوناً، ولكن ليثبت أنه مجنون عليه أن يطير. - من الأفضل أن تموتي واقفة على قدميكِ من أن تحيي راكعة على ركبتيكِ، وهذه نصيحة «لا باسيونارا» الى نساء اسبانيا دفاعاً عن الحركة الجمهورية القصيرة الأمد. لو أن الكتاب الذي بيديّ صدر مع نهاية القرن لضمّ حتماً «انه الاقتصاد يا مغفَّل»، وكان شعار بيل كلينتون في إنتخابات 1992 ففاز على جورج بوش الأب. اليوم أجد أن هذا الشعار سيحسم المعركة بين باراك اوباما وميت رومني. وإختياري لأشهر كلمات القرن العشرين قَول رجل الفضاء الاميركي نيل ارمسترونغ بعد أن مشى على سطح القمر في 21/7/1969 «خطوة صغيرة لرجل، قفزة واسعة للبشرية.» البشرية ستقفز خطوات أعظم في الفضاء هذا القرن، وخشيتي أن يكون قفز الأقوياء على حساب حقوق الضعفاء، كما رأينا في القرن الماضي. [email protected]