يواجه شيعة العرب مأزقاً أخلاقياً تجاه اتخاذ قيادات المذهب مواقف مساندة لنظام بشار الأسد، المأزق الأخلاقي أصبح قاتلاً في جسد شباب شيعة العرب تحديداً، لأنهم ميالون لانفتاح ثقافي، متفاعلون إلكترونياً، يوشك العرب الجدد «شيعة، سنة، مسيحيون، يهود» الخروج على تلقين رجال دين تخوض أقدامهم في مستنقعات السياسة. يصعب أن يجد الشيعي «عربياً أو فارسياً» قدرة على إقناع إنسان أوروبا وأميركا بعدالة اتخاذ قيادة مذهبه موقفاً عدوانياً تجاه ثوار سورية، لأن حرباً «سورية - سورية» لا تستوجب وجود إيراني أو لبناني أو عراقي حاملاً بندقية في طرقات دمشق دفاعاً عن حاكم لا يرغب به قومه، ولن يفعلها العرب في طهران ذات عهد متوقع، وغير بعيد. تتعرض «بروتوكولات شيوخ فارس» لخسائر إستراتيجية جسيمة تجاه تمدد المذهب الشيعي على أراضي الوطن العربي، بعد أن اتخذت طهران قرار حماية طفلها الطويل، «فكل ركض العقول السياسية والعقائدية الشيعية خلال السنوات ال«70» الماضية نحو احتلال المواطن العربي قبل التراب أصبح على فراش الموت بسبب بشار الأسد»، الطموح الشيعي الفارسي قتله عربي واحد، لأنه تمسك بكرسي وخذل صانعه. يدرك مخلصون للمذهب الشيعي أن «أسدهم» بات «أرنباً»، وأن عرب الشيعة دخلوا مربع تساؤلات: عن ماذا تريد طهران؟ ولماذا تسعى إلى شراء مواقف سياسية بدماء شيعة العرب؟ وأيهما أهم: المذهب، أم بشار؟ فالعقل العربي مهووس بالشك والتوجس، خصوصاً عندما يتم الإسراف في إراقة الدم العربي على السور الخارجي للقلعة الفارسية. بات واضحاً أن المذهب الشيعي يخسر مكتسباته على الأراضي العربية، فدعم قياداته لجيش بشار يؤدي إلى انسلاخات عاجلة أو آجلة في كتلة شيعة العرب، لأن أهم عناصر قيادة الشعوب تكمن في وجود عدالة، عدالة واضحة، فليس كل ما يراه الشيعي الفارسي موقفاً عادلاً يكون حتماً عادلاً لدى الشيعي العربي، لأن كليهما ينتمي إلى عرقٍ مختلف، ولكل عرق مقاييس أساسية خاصة به، فالدين مهما تثبتت قواعده يصبح دوماً صفة مكتسبة وأقل درجة مقارنة بصفات العرق. تُكرر طهران خطأ الدولة العثمانية، عندما أرادت قيادة العرب بعقلية تركية، كانت النتيجة تفضيل الغرب المسيحي على الشرق الإسلامي، وهو حظ تعيشه طهران حالياً، لأنها تريد قيادة العرب بعقلية فارسية، ومنحهم ديناً جديداً، ونمطاً معيشياً لا يتوافق مع سمات عرقية احترمها الإسلام ولم يمسسها (إنما بعُثت لأتمم مكارم الأخلاق). مارس سواد كبير من عرب الجزيرة تعنتاً في مطالبتهم للنبي «صلى الله عليه وسلم» بوجوب رؤيتهم لله قبل أن يدخلوا إلى الإسلام، ولم يمنعهم من الإلحاح ارتفاع السماء، وعندما لم يتحقق لهم ذلك ماتوا خارج دائرة الإسلام، وهو طلب قد يكون بارزاً في سنوات مقبلة لمصلحة رؤية المهدي، فهكذا هو العرق العربي لن يؤمن كلياً لطهران حتى يشاهد، ويتحدث إلى المهدي خاصتهم، كما أن امتداد نفقه ليس بارتفاع السماء ذاتها. يصعب استمرار الرهان على الريال الإيراني، فالقلوب ليست غُرف فندقية تستقبل أدياناً ومذاهب وفق مبدأ «زبون باذخ»، تسقط كل مكتسبات المال بذهابه، وهاهنا فإن الحصار الاقتصادي، وتجفيف موارد إيران يخنق أجنحتها المسلحة بالبنادق أو الفتاوي، كما حدث لقاعدة «بن لادن» ووريثه الظواهري، عندما اتضح أن القناعات الركيكة تشبه الثياب المتسخة، لا أحد يرتديها طويلاً. كاد يكون الانتقال من المذهب السني إلى الشيعي في الستينات وقبلها مثل انتقال أحدنا في مباراة كرة قدم داخل حارتنا، فالشوط الأول مع الفريق الأحمر والثاني مع الأزرق، وحده كان صدام حسين حامل البوق، الصارخ بأن لإيران رغبة في إدارة العرب وثرواتهم من خلال توزيع فيروس اسمه «مذهب»، لو عاش أحد من أجداد شيعة العرب حتى يشاهد حسن نصر الله يرسل عرب لبنان لقتل عرب سورية من أجل طموح فارسي، فإنه سيقول لن أتشيع الآن. يتموضع في حياتي أصدقاء شيعة العرب «شباب وفتيات» يجدون أن حماقات طهران تنهك كواهلهم، كما تفعل حماقات «القاعدة» بأهل المذهب السني، فهم عرب بالفطرة «لسان، ودم» يمتلكون جينات الشاعر العربي اليهودي «بن السمؤال» ذاتها، عندما ترك ابنه يموت أمام عينيه قتيلاً بسيف الحارث الأعرج مقابل عدم تسليمه وصايا إمرؤ القيس، وهي مجرد دروع، وأسلحة، واتبعها بلاميته الشهيرة «وما ضيرنا أنا قليل وجارنا... عزيز وجار الأكثرين ذليلُ»، فالدم العربي لا يخذل ذاته أبداً، ولم يك إمرؤ القيس يهودياً، بل وثنيناً. ترتكز نجاحات برتوكولات شيوخ فارس على تأجير العرب عقولهم لمطامع فارس، لم تعد كل العقول قابلة للتأجير، قد يستمر عرب الشيعة على مذهبهم لكن لن يكونوا أبداً دمية فارسية حتى وإن كان قلة من العرب لبست العمائم، وقبلت يد أحمد نجاد وأسياده، فالعرب لا تنحني إلا في ركوع، ولن تستطيع خطط مكتوبة في حجرات مظلمة رؤية النور. [email protected] jeddah9000@