فرضت الاحداث الجارية في سورية نفسها على القطاعات كافة ومنها القطاع الرياضي، وتحديداً على اللعبة الشعبية الاولى كرة القدم، التي لم تشهد في تاريخ اللعبة في سورية ذاك المد الكبير في هجرة اللاعبين. واذا كان الاحتراف الخارجي لتطوير الذات فنياً ومادياً يدخل اولويات حلم اي لاعب، فان هذين الهدفين لم يعودا من اولويات اللاعب السوري. فالاحداث التي تعيشها سورية بدلت الكثير من المفاهيم، وبات البحث عن الاحتراف في مكان آمن هو الهدف الاول لأي لاعب سوري بعيداً عن الناحيتين المادية والفنية، ولا بأس اذا كانت عروض الاحتراف محدودة مادياً، ولا بأس اذا كان النادي صاحب العرض مغموراً، هكذا يرى العديد من اللاعبين. والمتتبع للمشهد الكروي السوري يلحظ ارتفاع نسبة هجرة اللاعبين، وفي احصاء مبدئي يوجد اليوم في دول الجوار وبعض دول الخليج العربي اكثر من 50 لاعباً سورياً، وما زال العدد مرجحاً للزيادة. ولعل ضعف امكانات الاندية السورية، ودخولها خانة الافلاس نتيجة لانعدام المداخيل وعدم قدرتها على الايفاء بالتزاماتها للاعبيها، كان من اسباب هذه الهجرة، فباتت الاندية توافق من دون مشقة على منح لاعبيها حرية الانتقال لاندية خارجية نظير موافقتهم (اي اللاعبين) على الاستغناء عن بقية مستحقاتهم المادية من رواتب او مقدمات عقود. ويرى احد اللاعبين الدوليين المعروفين الذي انتقل أخيراً الى نادٍ مغمور في دولة مجاورة، ان حبه لكرة القدم دفعه لقبول عرض هذا النادي «اعشق كرة القدم، وهي مهنتي الوحيدة والظروف الحالية في سورية دفعتني للانتقال الى هذا الفريق بانتظار ان تتحسن الاحوال في سورية». وينتقد البعض انتقال لاعبين سوريين الى اندية اردنية ولبنانية بمبالغ متواضعة، لانها وفقاً لوجهة نظرهم ارتدّت سلباً على اللاعبين السوريين، وهذا اكده لاعب معروف بقوله: «تلقيت عروضاً عدة من اندية لبنانية واردنية وعراقية، وللاسف كانت متواضعة مادياً، ولما طلبت زيادة المبالغ المعروضة، يقولون لي بأن العديد من اللاعبين السوريين تعاقدوا مع اندية هذه الدول بمبالغ قليلة». ويضيف: «أسهم قبول عدد من اللاعبين الاحتراف بمبالغ ضئيلة بهبوط اسهم اللاعبين السوريين في بورصة الانتقالات، فأحد الاندية اللبنانية عرض علي الاحتراف في صفوفه قبل نحو عامين ولموسم واحد بمقدم عقد يزيد على 150 الف دولار، وها هو الان يعرض علي الاحتراف معه بأقل من نصف هذا المبلغ». وتبرر مجلس ادارات الاندية السورية موافقتها على منح لاعبيها البارزين حرية الانتقال لاندية اخرى، بعدم قدرتها على الايفاء بالتزاماتها المادية اتجاههم، وبسبب عدم وضوح الرؤية بالنسبة إلى استئناف البطولات المحلية، كما ترى بأنها ستستفيد مادياً من خلال حصولها على حصتها من قيمة احترافهم، التي ستساعدهم في صرف رواتب الموظفين والمدربين. ويرى البعض ان انتقال اللاعبين البارزين على رغم سلبياته كان له فوائده، إذ دفع الاندية الى زيادة الاهتمام بفرقها القاعدية، وستعتمد مستقبلاً على فريق الشباب في البطولات المحلية لسد فراغ انتقال لاعبيها الكبار على مبدأ «مكره اخاك لا بطل».