حضّ جوليان أسانج مؤسس موقع «ويكيليكس»، في ظهوره العلني الأول منذ شهرين، بعد لجوئه إلى سفارة الإكوادور في لندن لتجنّب تسليمه إلى السويد التي تتهمه بالاعتداء على امرأتين، الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس، على وقف ملاحقة موقعه الذي نشر مئات آلاف البرقيات الديبلوماسية السرية للولايات المتحدة. وقرأ أسانج (41 عاما) بياناً مكتوباً من على شرفة سفارة الإكوادور التي منحته لجوءاً سياسياً، فيما تؤكد الشرطة البريطانية أنها ستعتقله، إذا خرج من السفارة، وتسلّمه إلى السويد التي تحقّق في قضيتي اعتداء جنسي قدمتهما شابتان. لكن أسانج الذي يواجه تلك القضية منذ سنتين، يعتبر أن دوافعها سياسية. ويخشى أسانج الذي تحدث أمام أكثر من مئتي مناصر له، وإعلاميين وعشرات من أفراد الشرطة، أن يكون ترحيله إلى السويد مقدمة لتسليمه إلى الولاياتالمتحدة حيث قد يُلاحق بتهمة التجسس، ما قد يعرّضه لعقوبة الإعدام. وقال: «عندما تكون ويكيليكس تحت تهديد، تكون كذلك حرية التعبير وصحة كلّ مجتمعاتنا. أدعو الرئيس أوباما إلى فعل الصواب، وعلى الولاياتالمتحدة الكفّ عن مطاردة ويكيليكس كما تطارد الساحرات، وحلّ مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) والتعهد بالامتناع عن السعي إلى مقاضاة موظفينا أو أنصارنا». وأشاد ب «شجاعة» الرئيس الإكوادوري رافاييل كوريا الذي منحه اللجوء السياسي، كما حضّ الولاياتالمتحدة على إطلاق الجندي برادلي مانينغ المُتهم بتسريب ملفات سرية إلى «ويكيليكس»، وينتظر محاكمته. وقال أسانج: «إذا نفذ مانينغ ما يُتهم به، فهو بطل ومثال لنا جميعاً وأحد أبرز السجناء السياسيين في العالم». ولم يشر أسانج إلى الاتهامات ضده في السويد، وحاول مقارنة نفسه بفرقة «بوسي رايوت» الروسية التي سُجنت مغنياتها الثلاث بسبب أغنية مناهضة للرئيس فلاديمير بوتين، قائلاً: «ثمة وحدة في القمع، ويجب أن يكون هناك وحدة مطلقة وتصميم في الردّ». وفي نهاية خطابه، لوّح أسانج بشارة النصر. وكان ناطق باسم «ويكيليكس» أعلن أن أيّ تعهد من السويد بأن أسانج «لن يُرحّل أبداً إلى الولاياتالمتحدة، سيشكّل قاعدة جيدة للتفاوض على طريقة لإنهاء هذه القضية». لكن السويد ذكّرت بأن «المشتبه فيه لا يملك امتياز إملاء شروطه»، وأكدت أنها «لن ترحّل أشخاصاً، معرضين لخطر الإعدام». وحصلت الإكوادور خلال قمة طارئة استضافتها، على دعم قوي من «التحالف البوليفاري للأميركتين» الذي يضمّ خصوصاً فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا وبوليفيا. إذ حذر وزراء خارجية المجموعة الحكومة البريطانية من اقتحام سفارة الإكوادور، معتبرين أن لذلك «عواقب خطرة في العالم». وورد في بيان لوزراء الخارجية: «نرفض التهديدات الترهيبية التي أطلقها الناطقون باسم الحكومة البريطانية، لأنها تنتهك مبدأ سيادة الأمم وسلامة أراضيها». لكن وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ نفى أي نية في هذا الشأن، ورجّح أن يستغرق تسوية المشكلة وقتاً «طويلاً». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول بريطاني قوله إن الإكوادوريين «حرّفوا تصريحاتنا». وانتقد رافاييل كوريا «التهديدات السفيهة» للندن، متسائلاً في إشارة إلى البريطانيين: «إنهم ليسوا على اتصال بالواقع. مع مَنْ يعتقدون أنهم يتعاملون؟ ألا يستطيعون أن يفهموا أن هذه حكومة محترمة وذات سيادة، لن تركع أمام أي شخص؟ كما لم يدركوا أن أميركا اللاتينية حرة وذات سيادة، وأننا لن نتحمل التدخل والاستعمار». أما والدة أسانج المقيمة في سيدني، فدعت بريطانيا إلى «الكفّ عن لعب دور الكلب الصغير للولايات المتحدة»، معتبرة أن لابنها «بلايين الأنصار في العالم»، وأن ذهابه إلى الإكوادور سيكون «واقعياً جداً».